نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 6 صفحه : 83
بخيلا و قال قائلون: البخيل هو الّذي يستصعب
العطيّة، و هو أيضا قاصر فإنّه إن أريد به أنّه يستصعب كلّ عطيّة فكم من بخيل لا
يستصعب العطيّة القليلة كالحبّة و ما يقرب منها و يستصعب ما فوقها و إن أريد به
أنّه يستصعب بعض العطايا فما من جواد إلّا و قد يستصعب بعض العطايا و هو ما يستغرق
جميع ماله أو المال العظيم و هذا لا يوجب الحكم بالبخل.
و كذلك تكلّموا في الجود فقيل: الجود عطاء
بلا منّ و إسعاف من غير رويّة، و قيل: الجود عطاء من غير مسألة على رؤية التقليل،
و قيل: الجود السرور بالسائل و الفرح بالعطاء بما أمكن، و قيل: الجود عطاء على
رؤية أنّ المال للَّه تعالى و العبد للَّه تعالى فيعطي عبد اللّه مال اللّه على
غير رؤية الفقر، و قيل: من أعطى البعض و أبقى البعض فهو صاحب السخاء و من بذل الأكثر
و أبقى لنفسه شيئا فهو صاحب جود، و من قاسى الضرّ و آثر غيره بالبلغة فهو صاحب
إيثار، و من لم يبذل شيئا فهو صاحب بخل، و جملة هذه الكلمات غير محيطة بحقيقة
البخل و الجود بل نقول: المال خلق لحكمة و مقصود و هو صلاحه لحاجات الخلق و يمكن
إمساكه عن الصرف إلى ما خلق للصرف إليه و يمكن بذله بالصرف إلى ما لا يحسن الصرف
إليه، و يمكن التصرّف فيه بالعدل و هو أن يحفظ حيث يجب الحفظ و يبذل حيث يجب
البذل، فالإمساك حيث يجب البذل بخل، و البذل حيث يجب الإمساك تبذير، و بينهما وسط
و هو المحمود، و ينبغي أن يكون السخاء و الجود عبارة عنه إذ لم يؤمر رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلّا بالسخاء، و قيل له: «وَ لا تَجْعَلْ
يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ»[1] و قال
تعالى: «وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ
يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً»[2] فالجود وسط بين
الإقتار و الإسراف و بين البسط و القبض و هو أن يقدّر بذله و إمساكه بقدر الواجب و
لا يكفي أن يفعل ذلك بجوارحه ما لم يكن قلبه طيّبا به غير منازع له فيه فإن بذل في
محلّ وجوب البذل و نفسه تنازعه و هو يصابرها فهو متسخّ و ليس بسخيّ بل ينبغي أن لا
يكون لقلبه علاقة مع المال