نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 6 صفحه : 230
الكبر كثيرة و هي أكثر من أن تحصى فلا حاجة
إلى تعدادها فإنّها مشهورة فهذا هو الكبر و آفته عظيمة و غائلته هائلة، و فيه يهلك
الخواصّ من الخلق، و قلّما ينفكّ عنه العبّاد و الزّهاد و العلماء فضلا عن عوامّ
النّاس و كيف لا تعظم آفته و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا
يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر»[1] و إنّما
صار حجابا عن الجنّة لأنّه يحول بين العبد و بين أخلاق المؤمنين كلّها و تلك
الأخلاق هي أبواب الجنّة و الكبر و عزّ النّفس يغلق تلك الأبواب كلّها لأنّه لا
يقدر على أنّ يحبّ للمؤمنين ما يحبّ لنفسه و فيه شيء من العزّ، و لا يقدر على
التواضع و هو رأس أخلاق المتّقين و فيه العزّ، و لا يقدر على كظم الغيظ و فيه
العزّ، و لا يقدر على ترك الحقد و فيه العزّ، و لا يقدر أن يدوم على الصّدق و فيه
العزّ، و لا يقدر على ترك الحسد و فيه العزّ، و لا يقدر على ترك الغضب و فيه
العزّ، و لا يقدر على النصح اللّطيف و فيه العزّ، و لا يقدر على قبول النصح و فيه
العزّ، و لا يسلم من الازدراء بالناس و من اغتيابهم و فيه العزّ، و لا معنى
للتطويل، فما من خلق ذميم إلّا و صاحب العزّ و الكبر مضطرّ إليه ليحفظ به عزّه، و
ما من خلق محمود إلّا و هو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزّه فمن هذا لم يدخل الجنّة
من في قلبه مثقال ذرّة منه و الأخلاق الذّميمة متلازمة و البعض منها داع إلى البعض
لا محالة، و شرّ أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم و قبول الحقّ و الانقياد له
و فيه وردت الآيات الّتي فيها ذمّ المتكبّرين قال اللّه تعالى: وَ
الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ- إلى
قوله:- وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ[2]- ثمّ
قال-: فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ
مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ[1].
[1] النحل: 31 و ظاهر قوله «ثم قال» أنها
في سياق الآية السابقة لكن ليس كذلك و في سورة النحل هكذا «الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما
كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ- الآية» و هكذا
فيما يلي.
[1] رواه الطبراني بإسناد حسن و الأصبهاني
كما في الترغيب و الترهيب ج 3 ص 566.