نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 50
ينبغي و إلى الحدّ الّذي ينبغي فشهوته لا
تدعوه إلى الشرّ، فالشيطان المتدرّع بها لا يأمر إلّا بالخير.
و مهما غلب على القلب ذكر الدّنيا و مقتضيات
الهوى و جد الشيطان مجالا فوسوس، و مهما انصرف القلب إلى ذكر اللّه تعالى ارتحل
الشيطان و ضاق مجاله و أقبل الملك و الهمّ، فالتطارد بين جندي الملائكة و الشياطين
في معركة القلب دائم إلى أن ينفتح القلب لأحدهما فيسكن و يستوطن و يكون اجتياز
الثاني اختلاسا، و أكثر القلوب قد فتحها جنود الشيطان و ملكوها فامتلأت بالوساوس
الدّاعية إلى إيثار العاجلة و إطراح الآخرة، و مبدأ استيلائها اتّباع الهوى. و لا
يمكن فتحها بعد ذلك إلّا بتخلية القلب عن قوت الشيطان و هو الهوى و الشهوات و
عمارته بذكر اللّه تعالى إذ هو مطرح أثر الملائكة، قال جرير بن عبيدة العدويّ:
شكوت إلى العلاء بن زياد ما أجد في صدري من الوسوسة فقال: إنّما مثل ذلك مثل البيت
الّذي يمر به اللّصوص فإن كان فيه شيء عالجوه و إلّا مضوا و تركوه. يعني أنّ
القلب الخالي عن الهوى لا يدخله الشيطان، و لذلك قال اللّه تعالى: إِنَّ
عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ[1] و كل من اتّبع
الهوى فهو عبد الهوى لا عبد اللّه فلذلك تسلّط عليه الشيطان، و قال اللّه تعالى: أَ
فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ[2] هو إشارة إلى أنّ
الهوى إلهه و معبوده فهو عبد الهوى لا عبد اللّه.
و قال عثمان بن أبي العاص: «يا رسول اللّه
حال الشيطان بيني و بين صلاتي و قراءتي، فقال: ذلك شيطان يقال له خنزب، إذا أحسست
به فتعوّذ باللّه منه و اتفل عن يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهبه اللّه عنّي»[3] و في
الخبر «أنّ للوضوء شيطانا يقال له: ولهان فاستعيذوا باللّه منه»[4] و لا يمحو
وسوسة الشيطان عن القلب