نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 318
الحقد إلى ما تعصي اللّه به و لكن تستثقله
بالباطن و لا ينتهي قلبك عن بغضه حتّى تمتنع عمّا كنت تتطوّع به من البشاشة و
الرّفق و العناية، و القيام بحاجاته، و المجالسة معه على ذكر اللّه، و المعاونة
على المنفعة له، أو تترك الدّعاء له و الثناء عليه أو التحريص على برّه و مواساته،
فهذا كلّه ممّا ينقص درجتك في الدّين و يحول بينك و بين فضل عظيم و ثواب جزيل، و
إن كان لا يعرضك لعقاب اللّه. و الأولى أن يبقى على ما كان فإن أمكنه أن يزيد في
الإحسان مجاهدة للنفس و إرغاما للشيطان فذلك هو مقام الصدّيقين و هو من فضائل
أعمال المقرّبين، فللحقود ثلاثة أحوال عند القدرة أحدها أن يستوفي حقّه الّذي
يستحقّه من غير زيادة أو نقصان و هو العدل، و الثاني أن يحسن إليه بالعفو و الصّلة
و ذلك هو الفضل، و الثالث أن يطلبه[1] بما لا يستحقّه و ذلك هو الجور و هو
اختيار الأراذل و الثاني هو اختيار الصدّيقين و الأوّل هو منتهى درجة الصالحين، و
لنذكر الآن فضيلة العفو و الإحسان.
(فضيلة العفو)
اعلم أنّ العفو أن تستحقّ حقّا فتسقطه و تبرأ
عنه من قصاص أو غرامة و هو غير الحلم و كظم الغيظ، فلذلك أفردناه قال اللّه تعالى: خُذِ
الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ- الآية-[2] و قال
تعالى: وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى[3].
[من طريق العامة]
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: «التواضع لا يزيد العبد إلّا رفعة، فتواضعوا يرفعكم اللّه، و العفو لا يزيد
العبد إلّا عزّا فاعفوا يعزّكم اللّه، و الصدقة لا تزيد المال إلّا كثرة فتصدّقوا
يغنكم اللّه»[4].
و قالت عائشة: «ما رأيت رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم منتصرا من مظلمة ظلمها قطّ ما لم ينتهك حرمة من محارم
اللّه فإذا انتهك من محارم اللّه شيء كان أشدّهم في ذلك