و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أيضا:
«من ذبّ عن عرض أخيه بالغيب كان حقّا على اللّه أن يعتقه من النار»[2].
و قد ورد في نصرة المسلم في الغيبة و فضل
ذلك أخبار كثيرة أوردناها في كتاب آداب الصحبة و حقوق المسلمين فلا نطول بالإعادة.
(بيان الأسباب الباعثة على الغيبة)
اعلم أنّ البواعث على الغيبة كثيرة و لكن
يجمعها أحد عشر سببا ثمانية تطّرد في حقّ العامّة، و ثلاثة تختصّ بأهل الدّين و
الخاصّة.
أمّا الثمانية فالأوّل يشفي الغيظ و ذلك إذا
جرى سبب يغضب به عليه فإنّه إذا هاج غضبه يشفي الغيظ بذكر مساويه فيسبق اللّسان
إليه بالطبع إن لم يكن ثمّة دين وازع و قد يمنع تشفّي الغيظ عند الغضب فيحتقن
الغضب في الباطن و يصير حقدا ثابتا و يكون سببا دائما لذكر المساوي فالحقد و الغضب
من البواعث العظيمة على الغيبة.
الثاني موافقة الأقران و مجاملة الرفقاء و
مساعدتهم على الكلام فإنّهم إذا كانوا يتفكّهون بذكر الأعراض فيرى أنّه لو أنكر أو
قطع المجلس استثقلوه و نفروا عنه فيساعدهم و يرى ذلك من حسن المعاشرة و يظنّ أنّه
مجاملة في الصحبة و قد يغضب رفقاؤه فيحتاج إلى أن يغضب بغضبهم إظهارا للمساهمة في
السرّاء و الضرّاء فيخوض معهم في ذكر العيوب و المساوي فيهلك معهم.
الثالث أن يستشعر من إنسان أنّه سيقصده و
يطول لسانه فيه أو يقبّح حاله عند محتشم أو يشهد عليه بشهادة فيبادره قبل أن يقبّح
هو حاله و يطعن فيه ليسقط أثر شهادته أو يبتدي بذكر ما هو فيه صادقا ليكذب عليه
بعده فيروّج كذبه بالصدق
[1] رواه ابن أبي الدنيا في الصمت و فيه
شهر بن حوشب، و هو عند الطبراني بلفظ آخر. (المغني)
[2] رواه أحمد ج 6 ص 461 عن أسماء بنت يزيد
بإسناد حسن بنحوه و الطبراني أيضا، و ابن أبي الدنيا في الصمت عن أبي الدرداء كما
في المتن.
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 261