نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 232
المنهيّ عنه الإفراط فيه أو المداومة عليه
أمّا المداومة فلأنّه اشتغال باللّعب و الهزل و اللّعب مباح و لكن المواظبة عليه
مذمومة، و أمّا الإفراط فيه فإنّه يورث كثرة الضحك و كثرة الضحك تميت القلب و تورث
الضغينة في بعض الأحوال و تسقط المهابة و الوقار، فما يخلو عن هذه الأمور فلا يذمّ
كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال:
«إنّي لأمزح و لا أقول إلّا حقّا»[1] و مثله
يقدر على أن يمزح و لا يقول إلّا حقّا، و أمّا غيره فإذا فتح باب المزاح كان غرضه
أن يضحك الناس كيف كان و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إنّ
الرّجل ليتكلّم بالكلمة فيضحك بها جلساءه يهوي بها أبعد من الثريّا»[2] و قال
بعضهم: من كثر ضحكه قلّت هيبته و من مزح استخفّ به و من أكثر من شيء عرف به، و من
كثر كلامه كثر سقطه، و من كثر سقطه قلّ حياؤه و من قلّ حياؤه قلّ ورعه، و من قلّ
ورعه مات قلبه، و لأنّ الضحك يدلّ على الغفلة عن الآخرة قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «لو علمتم ما أعلم لبكيتم كثيرا و لضحكتم قليلا»[3].
و قال رجل لأخيه: يا أخي هل أتاك أنّك وارد
النّار؟ قال: نعم، قال: فهل أتاك أنّك خارج منها؟ فقال: لا، فقال: ففيم الضحك؟
قال: فما رئي ضاحكا حتّى مات. و نظر بعضهم إلى قوم يضحكون في يوم فطر فقال: إن كان
هؤلاء غفر لهم فما هذا فعل الشاكرين و إن كان لم يغفر لهم فما هذا فعل الخائفين.
و قال آخر لنفسه: أ تضحك و لعلّ أكفانك قد
خرجت من عند القصّار.
و قال ابن عباس: من أذنب ذنبا و هو يضحك دخل
النار و هو يبكي.
فهذه آفات الضحك فالمذموم منه أن يستغرق
ضحكا و المحمود التبسّم الّذي ينكشف فيه السنّ و لا يسمع الصوت، و كذلك كان ضحك
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم[4].
[1] أخرجه الطبراني في الصغير من حديث ابن
عمر كما في مجمع الزوائد ج 8 ص 89.