نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 212
بل يظهر اللّدد في الخصومة على قصد التسلّط
أو على قصد الإيذاء، و يتناول الّذي يمزج بالخصومة كلمة مؤذية ليس يحتاج إليها في
نصرة الحجّة و إظهار الحقّ و يتناول الّذي يحمله على الخصوصة محض العناد لقهر
الخصم و كسره مع أنّه قد يستحقر ذلك القدر من المال، و من الناس من يصرح به فيقول:
إنّما قصدي عنادة و كسر عرضه، و إنّي إذا أخذت منه هذا المال رميته في البئر و لا
أبالي، فهذا مقصوده اللّدد و اللّجاج و هو مذموم جدّا، أمّا المظلوم الّذي ينصر
حجّته بطريق الشرع من غير لدد و إسراف و زيادة لجاج على الحاجة، و من غير قصد عناد
و إيذاء ففعله ليس بحرام و لكنّ الأولى تركه ما وجد إليه سبيلا، فإنّ ضبط اللّسان
في الخصومة على حدّ الاعتدال متعذّر، و الخصومة توغر الصدر و تهيّج الغضب، و إذا
هاج الغضب نسي المتنازع فيه و بقي الحقد بين المتخاصمين حتّى يفرح كلّ واحد بمساءة
صاحبه و يحزن بمسرّته و يطلق اللّسان في عرضه، فمن ابتدأ بالخصومة فقد تعرّض لهذه
المحذورات و أقلّ ما فيه تشويش خاطره حتّى أنّه في صلاته يشتغل بمحاجّة خصمه فلا
يبقى الأمر على حدّ الواجب، فالخصومة مبدأ كلّ شرّ، و كذلك الجدال و المراء،
فينبغي أن لا يفتح بابه إلّا لضرورة و عند الضرورة ينبغي أن يحفظ اللّسان و القلب
عن تبعات الخصومة، و ذلك متعذّر جدّا، فمن اقتصر على الواجب في خصومته سلم عن
الإثم، و لا تذمّ خصومة إلّا أنّه إن كان مستغنيا عن الخصومة فيه لأنّ معه ما
يكفيه فيكون تاركا للأولى و لا يكون آثما، نعم أقلّ ما يفوته في الخصومة و المراء
و الجدال طيب الكلام و ما ورد فيه من الثواب إذ أقلّ درجات طيب الكلام إظهار
الموافقة و لا خشونة في الكلام أعظم من الطعن و الاعتراض الّذي حاصله إمّا تجهيل و
إمّا تكذيب فإنّ من جادل غيره أو ما رواه أو خاصمه فقد جهله أو كذبه فيفوت به طيب
الكلام.
و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم: «يمكّنكم من الجنّة طيب الكلام و إطعام الطعام»[1]
[1] قال العراقي: أخرجه الطبراني من حديث
جابر و فيه من لا أعرفه و له من حديث هانى ابن شريح بإسناد جيد «يوجب الجنة إطعام
الطعام، و حسن الكلام».
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 212