responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 210

يعود فينصر كلامه بما يمكنه من حقّ أو باطل و يقدح في قائله بكلّ ما يتصوّر له، فيثور التشاجر بين المتماريين كما يثور التهارش بين الكلبين يقصد كلّ واحد منها أن يعضّ صاحبه بما هو أعظم نكاية و أقوى في إفحامه و إلجامه، و أمّا علاجه فبأن يكسر الكبر الباعث له على إظهار فضله و السّبعية الباعثة له على تنقيص غيره كما سيأتي ذلك في كتاب ذمّ الكبر و العجب و كتاب ذمّ الغضب، فإنّ علاج كلّ علّة بإماطة سببها و سبب المراء ما ذكرناه ثمّ المواظبة عليه تجعله عادة و طبعا حتّى يتمكّن من النفس و يعسر الصبر عنه، و قيل لداود الطائي: لم آثرت الانزواء؟

قال: لا جاهد نفسي بترك الجدال فقيل: احضر المجالس و اسمع ما يقال و لا تتكلّم قال: ففعلت ذلك فما رأيت مجاهدة أشدّ عليّ منها و هو كما قال، لانّ من يسمع من غيره خطأ و هو قادر على كشفه يعسر عليه الصبر عنه جدّا و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من ترك المراء و هو محقّ بني له بيت في أعلى الجنّة» لشدّة ذلك على النفس، و أكثر ما يغلب ذلك في المذاهب و العقائد، فإنّ المراء طبع فإذا ظنّ أنّ له عليه ثوابا اشتدّ عليه حرصه و تعاون الطبع و الشرع عليه، و ذلك خطأ محض بل ينبغي للإنسان أن يكفّ لسانه عن أهل القبلة و إذا رأى مبتدعا تلطّف في نصحه على خلوة لا بطريق المجادلة فإنّ المجادلة يخيّل إليه أنّه حيلة منه في التلبيس و إنّ ذلك صنعة يقدر المجادلون من أهل مذهبه على أمثالها لو أرادوا فتستمرّ البدعة في قلبه بالجدل و تتأكّد فإذا عرف أنّ النصح لا ينفع اشتغل بنفسه و تركه، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «رحم اللّه من كفّ لسانه عن أهل القبلة إلّا بأحسن ما يقدر عليه‌ [1]» قال هشام بن عروة: كان عليه السّلام يردّد قوله هذا سبع مرّات.

و كلّ من تعوّد المجادلة مدّة و أثنى الناس عليه لنفسه بسببها عزّا و قبولا قويت فيه هذه المهلكات فلا يستطيع عنها نزوعا إذا اجتمع عليه سلطان الكبر و الغضب و الرياء و حبّ الجاه و التعزّز بالفضل و آحاد هذه الصفات تشقّ مجاهدتها فكيف بمجموعها.


[1] أخرجه ابن أبي الدنيا بإسناد ضعيف. و رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث هشام ابن عروة عن عائشة بنحوه و هو منقطع و ضعيف جدا كما في المغني.

المحجة

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 5  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست