نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 200
مدرة لا ينتفع بها كان خاسرا خسرانا مبينا،
و هذا مثال من ترك ذكر اللّه و اشتغل بمباح لا يعنيه فإنّه و إن لم يأثم فقد خسر
من حيث فاته الرّبح العظيم بذكر اللّه فإنّ المؤمن لا يكون صمته إلّا فكرا و نظره
إلّا اعتبارا و نطقه إلّا ذكرا، هكذا قاله النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [1]، بل رأس مال العبد أوقاته و مهما صرفها إلى ما لا يعنيه و لم يدّخر بها ثوابا
في الآخرة فقد ضيّع رأس ماله و لهذا قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من
حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»[1] بل ورد ما هو أشدّ من هذا.
قال أنس: استشهد غلام منّا يوم أحد و وجدنا
على بطنه صخرة مربوطة من الجوع فمسحت أمّه التراب عن وجهه و قالت: هنيئا لك الجنّة
يا بنيّ، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و ما يدريك لعلّه كان يتكلّم
بما لا يعنيه و يمنع ما لا يضرّه»[2].
و في حديث آخر «أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم فقد كعبا فسأل عنه فقالوا مريض فخرج يمشي حتّى أتاه فلمّا دخل عليه
قال أبشر يا كعب فقالت أمّه: هنيئا لك الجنّة يا كعب، فقال صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم من هذه المتألّية[2] على اللّه قال هي امّي يا رسول اللّه قال:
و ما يدريك يا أمّ كعب لعلّ كعبا قال ما لا يعنيه أو منع ما لا يغنيه»[3] و معناه
أنّه إنّما تتهنّأ الجنّة لمن لا يحاسب و من يتكلّم فيما لا يعنيه حوسب عليه و إن
كان كلامه مباحا فلا تتهنّأ له الجنّة مع المناقشة في الحساب فإنّه نوع من العذاب.
[1] قال العراقي: لم أجد له أصلا. لكن رواه
الكليني في الكافي ج 2 ص 237 في حديث عن الصادق عن النبي صلّى اللّه عليه و آله
«ان اولياء اللّه سكتوا فكان سكوتهم ذكرا، و نظروا فكان نظرهم عبرة، و نطقوا فكان
نطقهم حكمة، و مشوا فكان مشيهم بين الناس بركة ... الحديث».
[2] أخرجه الترمذي ج 9 ص 196 و قال: هذا
حديث غريب و فيه «فلعله تكلم فيما لا يعنيه أو بخل بما لا ينقصه» و رواه ابن أبي
الدنيا في الصمت بلفظ المصنف.