نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 5 صفحه : 157
الفائدة الخامسة- و هي من كبار الفوائد- كسر
شهوات المعاصي كلّها
و الاستيلاء على النفس الأمّارة بالسّوء،
فإنّ منشأ المعاصي كلّها الشهوات و القوى و مادّة القوى و الشهوات لا محالة
الأطعمة، فتقليلها يضعّف كلّ شهوة و قوّة، و إنّما السّعادة كلّها في أن يملك
الرّجل نفسه و الشقاوة كلّها في أن يملكه نفسه، و كما أنّك لا تملك الدّابة الجموح
إلّا بضعف الجوع و تضميرها[1] فإذا شبعت قويت و شردت و جمحت فكذلك
النفس.
و قيل لبعضهم: ما بالك مع كبرك لا تتعهّد
بدنك و قد انهدّ؟، فقال: لأنّه سريع المرح، فاحش الأشر، فأخاف أن يجمح بي فيورّطني
و لئن أحمله على الشدائد أحبّ إليّ من أن يحملني على الفواحش.
و قال ذو النون: ما شبعت قطّ إلّا و قد عصيت
اللّه أو هممت بمعصيته.
و قالت عائشة: إنّ أوّل بدعة حدثت بعد رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الشبع، إنّ القوم لما شبعت بطونهم جمحت بهم
نفوسهم إلى الدّنيا.[2] و هذه ليست فائدة واحدة بل هي خزائن
الفوائد و لذلك قيل: الجوع خزانة من خزائن اللّه تعالى.
و أقلّ ما يندفع بالجوع شهوة الفرج و شهوة
الكلام فإنّ الجائع لا يتحرّك عليه شهوة فضول الكلام فيتخلّص به من آفات اللّسان
كالغيبة و الفحش و النميمة و الكذب و غيرها، فيمنعه الجوع عن كلّ ذلك و إذا شبع
افتقر إلى فاكهة فيتفكّه لا محالة بأعراض الناس «و لا يكبّ الناس على مناخرهم في
النار إلّا حصائد ألسنتهم»[1]و أمّا شهوة الفرج فلا تخفى غائلتها و الجوع يكفي
شرّها فإذا شبع الرّجل لا يملك فرجه و إن منعه التقوى فلا يملك عينيه و العين تزني
كما يزني الفرج فإن ملك عينيه بغطاء التقوى فلا يملك فكره فيخطر له من الأفكار
الرديّة و حديث النفس
[1] رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 115 و
«حصائد ألسنتهم» يعنى ما يقطعون من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها
بما يحصل من الزرع و تشبيها للسان و ما يقطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد به.
(قاله المؤلف في الوافي).
[1] تضمير الخيل هو أن يظاهر عليها بالعلف
حتى تسمن ثم لا تعلف الا قوتا لتخف (النهاية)