نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 3 صفحه : 231
قال أبو حامد: «فهذا مقتضى الفقه و بيان
الحكم في الدّرجة الأولى من الحلّ و الحرمة فأمّا الامتناع عنه فمن الورع المهمّ
لأنّ المعصية إذا تمكّنت من السبب الموصل إلى الشيء يشتدّ الكراهة فيه كما سبق و
أقوى الأسباب الموصلة:
الثمن و لو لا الثمن الحرام لما رضي البائع
بتسليمه إليه فرضاه به لا يخرجه عن كونه مكروها كراهية شديدة و لكنّ العدالة لا
تنخرم به و تزول به درجة التقوى و الورع و لو اشترى سلطان مثلا ثوبا أو أرضا في
الذّمّة و قبضه برضا البائع قبل توفية الثمن و سلّمه إلى فقيه أو غيره صلة أو خلعة
و هو شاكّ في أنّه سيقضي ثمنه من الحلال أو الحرام فهذا أخفّ إذ وقع الشكّ في
تطرّق المعصية إلى الثمن و تفاوت خفّته بتفاوت كثرة الحرام و قلّته في مال ذلك
السلطان و ما يغلب على الظنّ فيه و بعضه أشدّ من بعض و الرجوع فيه إلى ما ينقدح في
القلب.
المثار الرابع الاختلاف في الأدلّة
فإنّ ذلك كالاختلاف في السبب لأنّ السبب سبب
لحكم الحلّ و الحرمة و الدّليل سبب لمعرفة الحلّ و الحرمة فهو سبب في حقّ المعرفة
و ما لم يثبت في معرفة العبد فلا فائدة في ثبوته في نفسه و إن جرى سببه في علم
اللّه تعالى و هي إمّا أن يكون لتعارض أدلّة الشرع أو لتعارض العلامات الدالّة أو
لتعارض المشابه.
القسم الأوّل أن يتعارض أدلّة الشرع،
مثل تعارض عمومين من القرآن أو السنّة فإنّ
ذلك يورث الشكّ و يرجع فيه إلى الاستصحاب أو الأصل المعلوم قبله إن لم يكن ترجيح و
إن ظهر ترجيح في جانب الحظر وجب الأخذ به و إن ظهر ترجيح في جانب الحلّ جاز الأخذ
به و لكنّ الورع تركه، و اتّقاء مواضع الخلاف مهمّ في الورع في حقّ المفتي و
المقلّد، و إن كان المقلّد يجوز له أن يأخذ بما أفتاه مقلّده الّذي يظنّ أنّه أفضل
علماء بلده و يعرف ذلك بالتسامع كما يعرف أفضل أطبّاء البلد بالتسامع و القرائن و
إن كان لا يحسن الطبّ و ليس للمستفتي أن ينتقد من المذاهب أوسعها عليه بل عليه أن
يبحث حتّى يغلب على ظنّه الأفضل ثمّ يتّبعه و لا يخالفه أصلا، نعم إن أفتى له
إمامه بشيء و لإمامه فيه مخالف فالفرار من الخلاف إلى الإجماع من الورع
المحجة
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 3 صفحه : 231