نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 244
المؤمن كما أنّ الغيث
ربيع الأرض، و قال قتادة: لم يجالس أحد القرآن إلّا قام بزيادة أو نقصان، قال
اللّه تعالى: «هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً»[1].
الثامن التأثّر
و هو أن يتأثّر قلبه
بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات فيكون له بحسب كلّ فهم حال و وجد و وجل يتّصف به
قلبه من الحزن و الخوف و الرجاء و غيرها، و مهما تمّت معرفته كانت الخشية أغلب
الأحوال على قلبه فإنّ التضييق غالب على آيات القرآن، فلا ترى ذكر المغفرة و
الرّحمة إلّا مقرونا بشروط يقصر العارف عن نيلها كقوله:
«وَ إِنِّي
لَغَفَّارٌ» ثمّ اتباعه ذلك بأربعة شروط
«لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى»[2] و قوله تعالى: «وَ الْعَصْرِ. إِنَّ
الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ
تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ»[3] ذكر أربع شرائط و حيث اقتصر ذكر شرطا جامعا فقال: «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ»[4] فالإحسان يجمع الكلّ و هكذا من
يتصفّح القرآن من أوّله إلى آخره و من فهم ذلك فجدير بأن يكون حاله الخشية و
الحزن، و لذلك قيل: و اللّه ما أصبح اليوم عبد يتلو هذا القرآن يؤمن به إلّا كثر
حزنه، و قلّ فرحه، و كثر بكاؤه، و قلّ ضحكه، و كثر نصبه و شغله، و قلّت راحته و
بطالته، و قال وهيب بن الورد: نظرنا في هذه الأحاديث و المواعظ فلم نجد شيئا أردّ[5] للقلوب و لا أشدّ استجلابا للحزن من
قراءة القرآن و تفهّمه و تدبّره، فتأثّر العبد بالتلاوة أن يصير بصفة الآية
المتلوّة فعند الوعيد و تقييد المغفرة بالشروط يتضاءل من خيفته كأنّه يكاد يموت و
عند التوسيع و وعد المغفرة يستبشر كأنّه يطير من الفرح و عند ذكر صفات اللّه و
أسمائه يتطأطأ خضوعا لجلاله و استشعارا لعظمته و عند ذكر الكفّار و ما يستحيل على
اللّه تعالى كذكرهم للَّه ولدا و صاحبة يغضّ صوته و ينكسر في باطنه حياء من قبح
مقالهم، و عند وصف الجنّة ينبعث بباطنه شوقا إليها و عند وصف النّار يرتعد فرائصه
خوفا منها و لما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لابن مسعود: «اقرأ
عليّ قال: فافتتحت سورة النساء فلمّا بلغت