نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 237
يستبشر به و يستأنس و لا
يغفل عنه، ففي القرآن ما يستأنس به القلب، إن كان التالي أهلا له فكيف يطلب الانس
بالفكر في غيره؟ و هو في متنزّه و متفرّج و الّذي يتفرّج في المتنزّهات لا يتفكّر
في غيرها، و قد قيل: إنّ في القرآن ميادين و بساتين و مقاصير و عرايس و ديابيج و
رياضات و خانات، فالميمات ميادين القرآن، و الراءات بساتين القرآن و الحامدات
مقاصيره، و المسبّحات عرايس القرآن، و الحاميمات ديباج القرآن، و المفصّل رياضه، و
الخانات ما سوى ذلك فإذا دخل القارئ في الميادين، و قطف من البساتين، و دخل
المقاصير، و شهد العرايس، و لبس الديباج، و تنزّه في الرياض، و سكن غرف الخانات
استغرقه ذلك، و شغله عمّا سواه، فلم يعزب قلبه و لم يتفرّق فكره.
الرابع التدبّر
و هو وراء حضور القلب
فإنّه قد لا يتفكّر في غير القرآن و لكنّه يقتصر على سماع القرآن به من نفسه و هو
لا يتدبّره، و المقصود من القراءة التدبّر و لذلك سنّ فيه الترتيل لأنّ الترتيل في
الظاهر يمكّن من التدبّر في الباطن، قال عليّ عليه السّلام:
«لا خير في عبادة لا
فقه فيها و لا في قراءة لا تدبّر فيها»[1] و إذا لم يتمكّن من التدبّر إلّا بترديد فليردّد إلّا أن يكون خلف
إمام فإنّه لو بقي في تدبّر آية و قد اشتغل الإمام بآية أخرى كان مسيئا، مثل من
يشتغل بالتعجّب من كلمة واحدة ممّن يناجيه عن فهم بقية كلامه و كذلك إذا كان في
تسبيح الركوع و هو متفكّر في آية قرأها فهذا وسواس، فقد روي عن عامر بن عبد قيس
أنّه قال: الوسواس يعتريني في الصلاة فقيل: في أمر الدنيا؟
فقال: لأن تختلف فيّ
الأسنّة أحبّ إليّ من ذلك و لكن يشتغل قلبي بموقفي بين يدي ربّي و أنّي كيف أنصرف،
فعدّ ذلك وسواسا و هو كذلك فإنّه يشتغل عن فهم ما فيه و الشيطان لا يقدر على مثله
إلّا بأن يشغله بمهمّ ديني لكي يمنعه به عن الأفضل.
و روي أنّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم قرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فردّدها عشرين مرّة[2] و إنّما ردّدها لتدبّره في معانيها.
و عن أبي ذرّ- رضي اللّه
عنه- قال: قام بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقام ليلة بآية
يردّدها
[1] رواه الحسن بن على
بن شعبة الحراني في تحف العقول ص 204 مرسلا.
[2] رواه أبو ذر الهروي
في معجمه من حديث أبي هريرة كما في المغني.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 237