responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 2  صفحه : 235

من كلام اللّه في اللّوح أعظم من جبل قاف، و إنّ الملائكة لو اجتمعت على الحرف الواحد أن يقلّوه ما أطاقوه حتّى يأتي إسرافيل و هو ملك اللّوح فيرفعه فيقلّه بإذن اللّه و رحمته لا بقوّته و طاقته لكنّ اللّه طوّقه ذلك و استعمله به.

و لقد تأنّق بعض الحكماء [1]في التعبير عن وجه اللّطف في إيصال معاني الكلام مع علوّ درجته إلى فهم الإنسان مع قصور رتبته و ضرب له مثلا لم يقصّر فيه و ذلك أنّه دعا بعض الملوك إلى شريعة الأنبياء عليهم السّلام فسأله الملك عن أمور فأجاب بما يحتمله فهمه، فقال الملك: أ رأيت ما يأتي به الأنبياء إذا ادّعيت أنّه ليس بكلام الناس و أنّه كلام اللّه تعالى فكيف يطيق الناس حمله؟ فقال الحكيم: إنّا رأينا الناس لمّا أرادوا أن يفهموا بعض الدوابّ و الطير ما يريدون من تقديمها و تأخيرها و إقبالها و إدبارها و رأوا الدوابّ يقصر تمييزها عن فهم كلامهم الصادر عن أنواع عقلهم مع حسنه و ترتيبه و بديع نظمه فنزلوا إلى درجة تمييز البهائم و أوصلوا مقاصدهم إلى بواطن البهائم بأصوات يضعونها لائقة بهم من النقر و الصفير و الأصوات القريبة من أصواتهم الّتي يطيقون حملها، و كذلك الناس يعجزون عن حمل كلام اللّه بكنهه و كمال صفاته، فصاروا بما تراجعوا بينهم من الأصوات الّتي سمعوا بها الحكمة كصوت النقر و الصفير الّذي سمعت به الدوابّ من الناس و لم يمنع ذلك معاني الحكمة المخبوّة في تلك الصفات من أن يشرّف الكلام أي الأصوات لشرفها و يعظّم لتعظيمها، فكان الصوت للحكمة جسدا و مسكنا و الحكمة للصوت نفسا و روحا، فكما أنّ أجساد البشر تكرم و تعزّ لمكان الرّوح فكذلك أصوات الكلام تشرّف للحكمة الّتي فيها و الكلام عالي المنزلة، رفيع الدرجة، قاهر السلطان نافذ الحكم في الحقّ و الباطل، و هو القاضي العادل، و الشاهد المرتضى يأمر و ينهى و لا طاقة للباطل أن يقوم قدّام كلام الحكمة كما لا يستطيع الظلّ أن يقوم قدّام شعاع الشمس، و لا طاقة للبشر أن ينفذوا غور الحكمة كما لا طاقة لهم أن ينفذوا بأبصارهم ضوء عين الشمس، و لكنّهم ينالون من عين الشمس ما تحيا به أبصارهم، و يستدلّون به على حوائجهم فقط، فالكلام كالملك المحجوب الغائب وجهه، و المشاهد أمره و كالشمس‌


[1] تأنق في الكلام أو العمل: عمله بالاتقان و الحكمة.

نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 2  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست