نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 230
و في الخبر «لا يجهر
بعضكم على بعض في القراءة بين المغرب و العشاء[1]» و سمع سعيد بن المسيّب ذات ليلة في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم عمر بن عبد العزيز يجهر بالقراءة في صلاته و كان حسن الصوت فقال
لغلامه: اذهب إلى هذا المصلّي فمره بأن يخفض من صوته، فقال الغلام: إنّ المسجد ليس
لنا و للرّجل فيه نصيب فرفع سعيد صوته و قال: يا أيّها المصلّي إن كنت تريد اللّه
عزّ و جلّ بصلاتك فاخفض صوتك و إن كنت تريد الناس فإنّهم لن يغنوا عنك من اللّه
شيئا فسكت عمر، و خفّف ركعته فلمّا سلّم أخذ نعليه و انصرف و هو يومئذ أمير
المدينة.
و يدلّ على استحباب
الجهر ما روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سمع جماعة من أصحابه يجهرون في
صلاة اللّيل فصوّب ذلك[2]،
و قد قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «إذا قام أحدكم من اللّيل يصلّي فليجهر
بقراءته فإنّ الملائكة و عمار الدار يستمعون إلى قراءته و يصلّون بصلاته»[3] فالوجه في الجمع بين هذه الأحاديث
أنّ الاسرار أبعد عن الرياء و التصنّع فهو أفضل في حقّ من يخاف ذلك على نفسه فإن
لم يخف و لم يكن في الجهر ما يشوّش الوقت على مصلّ آخر فالجهر أفضل لأنّ العمل فيه
أكثر و لأنّ فائدته تتعلّق أيضا بغيره و الخير المتعدّي أفضل من اللّازم، و لأنّه
يوقظ قلب القارئ و يجمع همّه إلى الفكر فيه و يصرف إليه سمعه، و لأنّه يطرد النوم
برفع الصوت، و لأنّه يزيد في نشاطه للقراءة و يقلّل من كسله، و لأنّه يرجو بجهره
تيقّظ نائم فيكون هو سبب إحيائه، و لأنّه قد يراه بطّال غافل فينشط بسبب نشاطه و
يشتاق إلى الخدمة، فمهما حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل و إن اجتمعت هذه
النيّات يضاعف الأجر و بكثرة النيّات يزكو عمل الأبرار و يتضاعف أجورهم فإن كان في
العمل الواحد عشر نيّات كان فيه عشرة أجور و لهذا نقول:
قراءة القرآن في المصحف
أفضل إذ يزيد عمل البصر و تأمّل المصحف و حمله فيزيد الأجر بسببه. و قد قيل:
الختمة من المصحف بسبع لأنّ النظر في المصحف أيضا عبادة و كان كثير
[1] أخرجه أبو داود ج 1
ص 306 بدون ذكر المغرب و العشاء و رواه أحمد و أبو يعلى بلفظ آخر كما في مجمع
الزوائد ج 2 ص 265.