نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 2 صفحه : 192
المبالغة في الخصومة و
المماراة بما يورث الضغائن[1]و يفرّق في الحال الهمّة و يناقض حسن الخلق، و قد
جعل في الحديث طيب الكلام مع إطعام الطعام من برّ الحجّ، و المماراة تناقض طيب
الكلام، فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفيقه و جمّاله و على غيرهما من
أصحابه بل يلين جانبه و يخفض جناحه للسائرين إلى بيت اللّه، و يلزم حسن الخلق و
ليس حسن الخلق كفّ الأذى بل احتمال الأذى، و قيل: سمّي السفر سفرا لأنّه يسفر عن
أخلاق الرجال و لذلك قيل لمن زعم أنّه يعرف رجلا: هل صحبته في السفر؟ فقال: لا،
فقال: ما أراك تعرفه.
الخامس: أن يحجّ ماشيا
إن قدر عليه
فذلك أفضل و في التردّد
من مكّة إلى الموقف و إلى منى آكد منه في الطريق، و قال بعض العلماء: الركوب أفضل
لما فيه من الإنفاق و المئونة و لأنّه أبعد من ضجر النفس و أقلّ لأذاه و أقرب إلى
سلامته و تمام حجّه، و هذا عند التحقيق ليس مخالفا للأوّل بل ينبغي أن يفصّل و
يقال: من سهّل عليه المشي فهو الأفضل، و إن كان يضعف و يؤدّي ذلك به إلى سوء خلق و
قصور عن عمل فالركوب له أفضل.
و سئل بعض العلماء عن
العمرة المشي فيها أفضل أو يكتري حمارا بدرهم، فقال:
إن كان وزن الدرهم أشدّ
عليه فالكراء أفضل من المشي و إن كان المشي أشدّ عليه كالاغنياء فالمشي أفضل و
كأنّه ذهب فيه إلى طريق مجاهدة النفس و له وجه و لكنّ الأفضل أن يمشي و يصرف ذلك
الدرهم إلى خير فهو أولى من صرفه إلى المكاري عوضا من إيذاء الدابّة، فإذا كان لا
يتّسع نفسه للجمع بين مشقّة النفس و نقصان المال فما ذكره غير بعيد».
(1) أقول: و يدلّ على هذه
الجملة من طريق الخاصّة ما رواه في التهذيب عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: «ما
عبد اللّه بشيء أشدّ من المشي و لا أفضل»[1].
و عنه عليه السّلام
«الركوب أفضل من المشي لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ركب»[2].
و في رواية أخرى «تركبون
أحبّ إليّ فإنّ ذلك أقوى على الدعاء و العبادة»[3].