نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 386
وجّهته إلى جهة القبلة و
اللّه سبحانه يتقدّس عن أن يحدّه الجهات حتّى تقبل بوجه بدنك عليه، و إنّما وجه
القلب هو الّذي يتوجّه به إلى فاطر السماوات و الأرض فانظر إليه أ متوجّه هو إلى
أمانيه و هممه في البيت و السوق، و متّبع للشهوات أم مقبل على فاطر السماوات و
الأرض و إيّاك و أن يكون أوّل مفاتحتك للمناجاة بالكذب و الاختلاق و لن ينصرف
الوجه إلى اللّه إلّا بانصرافه عمّا سواه فاجتهد في الحال في صرفه إليه و إن عجزت
عنه على الدوام ليكون قولك في الحال صدقا و إذا قلت: «حنيفا مسلما» فينبغي أن يخطر
ببالك أنّ المسلم هو الّذي سلم المسلمون من لسانه و يده فإن لم تكن كذلك كنت كاذبا
فاجتهد أن تعزم عليه في الاستقبال و تندم على ما سبق من الأحوال، و إذا قلت: «وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ»
فاخطر ببالك الشرك الخفيّ فإنّ قوله تعالى: «فَمَنْ كانَ
يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ
رَبِّهِ أَحَداً»[1] نزل فيمن يقصد بعبادته وجه اللّه و
حمد الناس و كن منفيّا من هذا الشرك، و استشعر الخجلة في قلبك أن وصفت نفسك بأنّك
لست من المشركين من غير براءة من هذا الشرك فإنّ اسم الشرك يقع على القليل و
الكثير منه، و إذا قلت محياي و مماتي للَّه فاعلم أنّ هذا حال عبد مفقود لنفسه
موجود لسيّده و أنّه إن صدر ممّن رضاه و غضبه و قيامه و قعوده و رغبته في الحياة و
رهبته من الموت لأمور الدنيا لم يكن ملائما للحال، و إذا قلت: «أعوذ باللّه من
الشيطان الرجيم» فاعلم أنّه عدوّك و مترصّد لصرف قلبك عن اللّه، حسدا لك على
مناجاتك مع اللّه و سجودك له مع أنّه لعن بسبب سجدة واحدة تركها و لم يوفّق لها و
إنّ استعاذتك باللّه منه بترك ما يحبّه و تبديله بما يحبّ اللّه لا بمجرّد قولك و
إنّ من قصده سبع أو عدو ليفترسه أو يقتله فقال: «أعوذ منك بذلك الحصن الحصين» و هو
ثابت على مكانه إنّ ذلك لا ينفعه بل لا يعيذه إلّا تبديل المكان فكذلك من يتّبع
الشهوات الّتي هي محابّ الشيطان و مكاره الرّحمن فلا يغنيه مجرد القول فليقترن
قوله بالعزم على التعوّذ بحصن اللّه عزّ و جلّ عن شرّ الشيطان و حصنه لا إله إلّا
اللّه إذ قال تعالى فيما أخبر عنه