نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 380
القلب، و إذ لبست ثوبك
فاذكر ستر اللّه عليك ذنوبك برحمته، و ألبس باطنك بالصدق كما ألبست ظاهرك بثوبك و
ليكن باطنك في ستر الرهبة و ظاهرك في ستر الطاعة و اعتبر بفضل اللّه عزّ و جلّ حيث
خلق أسباب اللّباس لتستر العورات الظاهرة و فتح أبواب التوبة و الإنابة لتستر بها
عورات الباطن من الذّنوب و أخلاق السوء، و لا تفضح أحدا حيث ستر اللّه عليك أعظم
منه، و اشتغل بعيب نفسك، و اصفح عمّا لا يعنيك حاله و أمره و احذر أن يفني عمرك
بعمل غيرك و يتّجر برأس مالك غيرك و تهلك نفسك، فإنّ نسيان الذنوب من أعظم عقوبة
اللّه تعالى في العاجل و أوفر أسباب العقوبة في الآجل، و ما دام العبد مشتغلا
بطاعة اللّه و معرفة عيوب نفسه و ترك ما يشين في دين اللّه فهو بمعزل على الآفات،
غائص في بحر رحمة اللّه تعالى يفوز بجواهر الفوائد من الحكمة و البيان و ما دام
ناسيا لذنوبه جاهلا لعيوبه راجعا إلى حوله و قوّته لا يفلح إذا أبدا[1]».
(فصل) أقول: و أمّا
المكان
فقد قال بعض علمائنا[2]- رحمهم اللّه-: استحضر فيه أنّك كائن
بين يدي ملك الملوك تريد مناجاته و التضرّع إليه و التماس رضاه و نظره إليك بعين
الرّحمة، فانظر مكانا يصلح لذلك كالمساجد الشريفة و المشاهد المطهّرة مع الإمكان
فإنّه تعالى جعل تلك المواضع محلّا لاجابته و مظنّة لقبوله و رحمته، و معدنا
لمرضاته و مغفرته على مثال حضرة الملوك الّذين يجعلونها وسيلة لذلك فادخلها ملازما
للسّكينة و الوقار و مراقبا للخشوع و الانكسار، سائلا أن يجعلك من خلّص عباده و أن
يلحقك بالماضين منهم، و راقب اللّه كأنّك على الصراط جائز، و كن متردّدا بين الخوف
و الرجاء و بين القبول و الطرد، فيخشع حينئذ قلبك و يخضع لبّك و تتأهّل لأن يفيض
عليك الرّحمة و تنالك يد العاطفة، و ترعاك عين العناية، قال الصادق عليه السّلام:
«إذا بلغت باب المسجد فاعلم أنّك قصدت ملكا عظيما لا يطأ بساطه إلّا المطهّرون، و
لا يؤذن لمجالسته إلّا