نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 182
«وَ مَنْ كانَ فِي
هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا»[1] و هذه الأمور الّتي كشفت للأنبياء
صلوات اللّه عليهم بعضها كان بالبصر و بعضها كان بالبصيرة و سمّي جميعها رؤية.
و بالجملة من لم يكن
بصيرته الباطنة ثاقبة لم يعلّق به من الدّين إلّا قشوره و أمثلته دون لبابة و
حقائقه.
فهذه أقسام ما يطلق عليه
اسم العقل.
(بيان تفاوت الناس في
العقل)
قد اختلف الناس في معنى
تفاوت العقل و لا معنى للاشتغال بنقل كلام من قلّ تحصيله بل الأولى المبادرة إلى
التصريح بالحقّ، و الحقّ الصّريح فيه أنّ التفاوت يتطرّق إلى الأقسام الأربعة سوى
القسم الثاني و هو العلم الضروريّ بجواز الجايزات و استحالة المستحيلات، فإنّ من
عرف أنّ الاثنين أكثر من الواحد عرف أيضا استحالة كون الشخص الواحد في مكانين و
كون الشيء الواحد قديما حادثا فكذلك سائر النظائر و كلّ من يدركه فإنّه يدركه
إدراكا محقّقا من غير شكّ، و أمّا الأقسام الثلاثة فالتفاوت يتطرّق إليها، أمّا
القسم الرابع و هو استيلاء القوّة على قمع الشهوات فلا يخفى تفاوت الناس فيه بل لا
يخفى تفاوت أحوال الشخص الواحد و هذا التفاوت تارة يكون لتفاوت الشهوة إذ قد يقدر
العاقل على ترك بعض الشهوات دون بعض و لكن غير مقصور عليه فإنّ الشابّ قد يعجز عن
ترك الزّنى فإذا كبر و تمّ عقله قدر عليه، و شهوة الرياء و الرئاسة تزداد قوّة
بالكبر لا ضعفا، و قد يكون سببه التفاوت في العلم المعرّف لغائلة تلك الشهوة و
لهذا يقدر الطبيب على الاحتماء عن بعض الأطعمة المضرّة و قد لا يقدر من يساويه في
العقل إذا لم يكن طبيبا و إن كان يعتقد في الجملة فيها مضرّة و لكن إذا كان علم
الطبيب أتمّ كان خوفه أشدّ فيكون الخوف جندا للعقل و عدّة في قمع الشهوة و كسرها،
و كذلك يكون العالم أقدر على ترك المعاصي من العاميّ لقوّة علمه بضرر المعاصي، و
أعني به العالم الحقيقي دون أرباب الطيالسة و أصحاب الهذيان فإن كان