نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 153
أو بغريزة العقل كالعلم
باستحالة حادث بلا سبب أو بتواتر كالعلم بوجود مكّة أو بتجربة كالعلم بأنّ المطبوخ
مسهل[1]أو بدليل كما ذكرناه، فشرط إطلاق الاسم عندهم عدم الشكّ فكلّ علم لا يشكّ
فيه يسمّى يقينا عندهم و على هذا لا يوصف اليقين بالضعف إذ لا تفاوت في نفي الشكّ.
الاصطلاح الثاني للفقهاء
و المتصوّفة و أكثر العلماء- و هو أن لا يلتفت فيه إلى اعتبار التجويز و الشكّ بل
إلى استيلائه و غلبته على القلب حتّى يقال: فلان ضعيف اليقين بالموت مع أنّه لا
يشكّ فيه و يقال: فلان قويّ اليقين في إتيان الرزق مع أنّه قد يجوّز أن لا يأتيه،
فمهما مالت النفس إلى التصديق بشيء و غلب ذلك على القلب و استولى حتّى صار هو
المتحكّم و المتصرّف في النفس بالتحريض و المنع سمّي ذلك يقينا و لا شكّ في أنّ
الناس يشتركون في القطع بالموت و الانفكاك عن الشكّ فيه و لكن فيهم من لا يلتفت
إليه و إلى الاستعداد له فكأنّه غير موقن به، و فيهم من استولى ذلك على قلبه حتّى
استغرق همّه بالاستعداد له و لم يغادر فيه متّسعا لغيره فيعبّر عن مثل هذه الحالة
بقوّة اليقين، و لذلك قال بعضهم: ما رأيت يقينا لا شكّ فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه
من الموت.
و على هذا الاصطلاح يوصف
اليقين بالقوّة و الضعف و نحن أردنا بقولنا: «إنّ من شأن علماء الآخرة صرف العناية
إلى تقوية اليقين» اليقين بالمعنيين جميعا، و هو نفي الشكّ ثمّ تسلّط اليقين على
النفس حتّى يكون هو الغالب المتحكّم و هو المتصرّف فإذا فهمت هذا علمت المراد من
قولنا إذا قلنا: إنّ اليقين ينقسم ثلاث انقسامات بالقوّة و الضعف، و القلّة و
الكثرة، و الخفاء و الجلاء، فأمّا بالقوّة و الضعف فعلى الاصطلاح الثاني و ذلك في
الغلبة و الاستيلاء على القلب، و درجات اليقين في القوّة و الضعف لا تتناهى، و
تفاوت الخلق في استعدادهم للموت بحسب تفاوت اليقين بهذه المعاني، و أمّا التفاوت
بالخفاء و الجلاء فلا ينكر أيضا أمّا فيما يتطرّق إليه التجويز فلا ينكر- أعني
الاصطلاح الثاني- و فيما انتفى الشكّ عنه أيضا لا سبيل إلى إنكاره فإنّك تدرك
تفرقة بين تصديقك بوجود مكّة و وجود فدك مثلا و بين تصديقك بوجود موسى و وجود يوشع
عليهما السّلام مع أنّك
[1] فيه سقط و في
الاحياء «بان السقمونيا المطبوخ مسهل».
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 153