نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 151
آدميّ إلّا و له ذنوب و
لكن من كان غريزته العقل و سجيّته اليقين لم تضرّه الذنوب لأنّه كلّما أذنب ذنبا
تاب و استغفر و ندم فتكفر ذنوبه و يبقى له فضل يدخل به الجنّة»[1] و لذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم: «إنّ من أقلّ ما أوتيتم اليقين و عزيمة الصبر و من أوتي حظّه
منهما لما يبال ما فاته من صيام النهار و قيام اللّيل»[1]و في وصيّة لقمان لابنه
«يا بنيّ لا يستطاع العمل إلّا باليقين، و لا يعمل المرء إلّا بقدر يقينه، و لا
يقصر عامل حتّى ينقص يقينه».
و قال يحيى بن معاذ: إنّ
للتوحيد نورا و للشرك نارا، و إنّ نور التوحيد أحرق لسيّئات الموحّدين من نار
الشرك لحسنات المشركين. و أراد به اليقين و قد أشار القرآن إلى ذكر الموقنين في
مواضع دلّ به على أنّ اليقين هو الرابطة للخيرات و السعادات.
فإن قلت: فما معنى
اليقين؟ و ما معنى قوّته و ضعفه؟ فلا بدّ من فهمه أوّلا ثمّ الاشتغال بطلبه و
تعلّمه، فإنّ ما لا يفهم صورته لا يمكن طلبه؟
فاعلم أنّ اليقين لفظ
مشترك يطلقه فريقان لمعنيين مختلفين أمّا النظّار و المتكلّمون فيعنون باليقين عدم
الشكّ إذ ميل النفس إلى التصديق بالشيء له أربع مقامات: الأوّل أن يعتدل التصديق
و التكذيب و يعبّر عنه بالشّك كما إذا سئلت عن شخص معيّن أنّ اللّه عزّ و جلّ
يعاقبه أم لا؟ و هو مجهول الحال عندك فإنّ نفسك لا تميل إلى الحكم فيه بإثبات و
نفي بل يستوي عندك إمكان الأمرين فيسمّى هذا شكّا، الثاني أن تميل نفسك إلى أحد
الأمرين مع الشعور بإمكان نقيضه و لكنّه إمكان لا يمنع ترجيح الأوّل كما إذا سئلت
عن رجل تعرفه بالصلاح و التقوى أنّه بعينه لو مات على هذه الحالة هل يعاقب؟ فإنّ
نفسك تميل إلى أنّه لا يعاقب أكثر من ميلها إلى العقاب و ذلك لظهور علامات الصلاح
و مع هذا فإنّك تجوّز إخفاء أمر يوجب العقاب في باطنه و سريرته فهذا
[1] روى الكليني في
الكافي ج 2 ص 51 تحت رقم 2 في حديث «و ما قسم في الناس شيء أقل من اليقين» و تحت
رقم 4 «فما أوتي الناس أقل من اليقين» و روى ابن عبد البر في العلم من حديث معاذ
ما أنزل اللّه شيئا أقل من اليقين» و لم أجد تمام الحديث في أصل.
[1] قال العراقي: رواه
الترمذي الحكيم في النوادر من حديث انس بإسناد مظلم.
نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 151