نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 149
لا تقولوا: العلم في
السماء من ينزل به و لا في تخوم الأرض من يصعد به و لا من وراء البحار من يعبر
يأتي به، العلم مجعول في قلوبكم تأدّبوا بين يديّ بآداب الروحانيّين و تخلّقوا
إليّ بأخلاق الصدّيقين، أظهر العلم من قلوبكم حتّى يغطّيكم و يغمركم».
و قال سهل التستري: خرج
العلماء و الزهّاد و العبّاد من الدنيا و قلوبهم مقفّلة و لم يفتح إلّا قلوب
الصدّيقين و الشهداء ثمّ تلا «وَ عِنْدَهُ
مَفاتِحُ الْغَيْبِ» و لو لا أنّ إدراك قلب من له قلب
بالنور الباطن حاكم على علم الظاهر لما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم: «استفت قلبك و إن أفتوك و أفتوك[1]» و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيما يرويه عن ربّه عزّ و
جلّ: «لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى احبّه فإذا أحببته كنت له سمعا و
بصرا- الحديث-»[2] فكم من معان دقيقة من أسرار القرآن
تخطر على قلب المتجرّد للذكر، و الفكر يخلو عنها كتب التفاسير و لا يطّلع عليها
أفاضل المفسّرين و إذا انكشف ذلك للمراقب و عرض على المفسّرين استحسنوه و علموا
أنّ ذلك من تنبيهات القلوب الزكيّة و ألطاف اللّه تعالى بالهمم المتوجّهة إليه، و
كذلك في علوم المكاشفة و أسرار علوم المعاملة و دقائق خواطر القلوب فإنّ كلّ علم
من هذه العلوم بحر لا يدرك عمقه، و إنّما يخوضه كلّ طالب بقدر ما رزق و بحسب ما
وفّق له من حسن العمل و في وصف هؤلاء العلماء قال عليّ عليه السّلام في حديث طويل:
«القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير، و الناس ثلاثة: عالم ربّانيّ، و متعلّم على
سبيل نجاة، و همج رعاع، أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور
العلم و لم يلجئوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس
المال، و العلم يزكو على الإنفاق، و المال تنقصه النفقة، محبّة العالم دين يدان
به، تكتسب به الطاعة في حياته، و جميل الاحدوثة بعد وفاته، العلم حاكم و المال
محكوم عليه، و منفعة المال تزول بزواله، مات خزّان الأموال و هم أحياء و العلماء
باقون ما بقي الدهر، ثمّ تنفّس الصعداء فقال: هاه إنّ هاهنا علما جمّا، لو وجدت له
حملة بل أجد طالبا إمّا لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا