نام کتاب : المحجة البيضاء نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 147
ابن أدهم: ليس شيء أشدّ
على الشيطان من عالم يتكلّم بعلم و يسكت بعلم و يقول انظروا إلى هذا سكوته أشدّ
عليّ من كلامه، و وصف بعضهم الأبدال فقال: أكلهم فاقة، و كلامهم ضرورة. أي ما
يتكلّمون حتّى يسألوا و إذا سئلوا و وجدوا من يكفيهم سكتوا فإن اضطرّوا أجابوا، و
كانوا يعدّون الابتداء قبل السؤال من الشهوة الخفيّة للكلام، و قال بعضهم: كان
أسرعهم إلى الفتوى أقلّهم علما، و أشدّهم دفعا لها أورعهم، و في الخبر إذا رأيتم
الرجل قد أوتي صمتا و زهدا فاقتربوا منه فإنّه يلقّن الحكمة، و قيل: العالم إمّا
عالم عامّة و هو المفتي و هم أصحاب الأساطير، أو عالم خاصّة و هو العالم بالتوحيد
و أعمال القلوب و هم أرباب الزوايا المتفرّدون، و قيل: المعرفة إلى السكوت أقرب
منها إلى الكلام، و قال بعضهم: إذ أكثر العلم قلّ الكلام، و كتب سلمان إلى أبي
الدرداء بلغني أنّك قعدت طبيبا تداوي المرضى فانظر فإن كنت طبيبا فتكلّم فإنّ
كلامك شفاء و إن كنت متطبّبا فاللّه اللّه لا تقتل مسلما، فكان أبو الدرداء يتوقّف
بعد ذلك إذا سئل».
(1) أقول: و ممّا ورد في
هذا الباب من طريق الخاصّة ما رواه في الكافي «عن الباقر عليه السّلام أنّه سئل ما
حقّ اللّه على العباد قال: أن يقولوا ما يعلمون و يقفوا عند ما لا يعلمون»[1].
و عن الصادق عليه السّلام:
«إذا سئل الرجل منكم عمّا لا يعلم فليقل: لا أدري، و لا يقل: اللّه أعلم فيوقع في
قلب صاحبه شكّا، و إذا قال المسئول: لا أدري فلا يتّهمه السائل»[2].
و في مصباح الشريعة[3] «عنه عليه السّلام أنّه قال: لا تحلّ
الفتيا لمن لا يستفتي من اللّه عزّ و جلّ بصفاء سرّه، و إخلاص عمله و علانيته، و
برهان من ربّه في كلّ حال لأنّ من أفتى فقد حكم و الحكم لا يصحّ إلّا بإذن من
اللّه و برهانه، و من حكم بالخبر بلا معاينة فهو جاهل مأخوذ بجهله مأثوم بحكمه،
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «أجرؤكم على الفتيا