و قال عليّ عليه السّلام
و أشار إلى صدره: «إنّ هاهنا علوما جمّة، لو وجدت لها حملة»[2] و صدق عليّ عليه السّلام فقلوب الأبرار قبور الأسرار، فلا ينبغي
أن يفشي العالم كلّما يعلمه إلى كلّ أحد، هذا إذا كان يفهمه المتعلّم و لم يكن
أهلا للانتفاع به فكيف فيما لا يفهمه و قد قال عيسى عليه السّلام: «لا تعلّقوا
الجواهر في أعناق الخنازير، فإنّ الحكمة خير من الجواهر و من كرهها فهو شرّ من
الخنزير[3]» فلذلك قيل: كل لكلّ عبد بمعيار
عقله، و زن له بميزان عمله[1]حتّى تسلم منه و ينتفع بك و إلّا وقع الإنكار
لتفاوت المعيار، و سئل بعض العلماء عن شيء فلم يجب، فقال السائل: أ ما سمعت قول
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من كتم علما نافعا جاء يوم القيامة
ملجما بلجام من نار»[4]
فقال: اترك اللّجام و اذهب فإن جاء من يفقه و كتمته فليلجمني، و في قول اللّه عزّ
و جلّ: «وَ لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ»[5] تنبيه على أنّ حفظ العلم ممّن يفسده
و يضرّه أولى و ليس الظلم في إعطاء غير المستحقّ بأقلّ من الظلم في منع المستحقّ
كما قيل:
و من منح الجهّال علما أضاعه
و من منع المستوجبين فقد ظلم
السابعة أنّ المتعلّم
القاصر ينبغي أن يلقي إليه الجليّ اللّائق به
و لا يذكر له أنّ وراء
هذا تدقيقا و هو يدّخره عنه فإنّ ذلك يفتر رغبته في الجليّ و يشوّش قلبه و يوهم
إليه البخل به عنه إذ يظنّ كلّ أحد أنّه أهل لكلّ علم دقيق فما من أحد إلّا و هو
راض عن اللّه عزّ و جلّ في كمال عقله و أشدّهم حماقة و أضعفهم عقلا هو أفرحهم
بكمال عقله و بهذا يعلم أنّ من تقيّد من العوام بقيد الشرع و رسخت في نفسه العقائد
المأثورة عن السلف من غير تشبيه و من غير تأويل و حسنت مع ذلك سيرته و لم يحتمل
عقله أكثر من ذلك فلا ينبغي أن يشوّش عليه اعتقاده، بل ينبغي أن يخلّى و حرفته
فإنّه لو