و هو سميع بصير، أي يعلم
ما يسمعه و يبصره[1] و ادّعاه أمر زائد[2] على العلم لا يتلقى إلّا من الشّاهد
و مدركه الحواس فكيف نثبته غائبا و الاعتماد على المشاركة في الحياة و عدم الآفة
لا يغني لما ذكرناه و[3]
لأنّ حياته مخالفة لحياتنا، فلا يلزم الاشتراك في كلّ حكم، فحياتنا مصحّحة للشهوة
دون حياته.
و هو مريد، أي يعلم
المصلحة في فعل، فيدعوه[4]
علمه إلى إيجاده و لا زيادة على ذلك من الشّاهد و هو غير ثابت غائبا، لأنّ الزائد
إن كان للذّات أو المعنى القديم أو الحادث فيه أو في الجماد أو لا في محلّ، فهو
باطل بالمنافاة للكراهية و بما تبطل به المعاني القديمة و باستحالة حدوثه و
باستحالة قيام الإرادة بالجماد و بوجوب رجوع حكم الإرادة إلى الحيّ و باستحالة
حلول عرض لا في محل[5]
و تقديم الأفعال و تأخيرها و أمر عباده و نهيه و عقاب أهل الآخرة إلى غير ذلك يكفي
فيه الداعي و إذا تأمّلته وجدته صحيحا.
و هو متكلّم و استفادته
من السّمع و معناه أنّه فاعل الكلام[6]، لأنّه في اللّغة كذلك و إلّا لزم أن يقال: تكلّم المصروع و
الصّدى.
و قول الخصم بكلام
النّفس باطل، لأنّا لا نعلمه و لا نجده و أيضا فهو متتابع متوال[7]
[5] . ذهبت معتزلة
البصرة و السيد المرتضى و أبو الصّلاح الحلبي إلى أنّ البارئ تعالى مريد بإرادة
حادثة، لا في محلّ و قد ردّ عليه الشيخ أبو إسحاق بقوله: باستحالة حلول عرض لا في
محل و ذهبت الأشاعرة إلى أنّه تعالى مريد بإرادة قديمة أزلية، راجع عن هذه
الأقوال: لمع الأدلة، ص 84- 85، 90- 91؛ تقريب المعارف في الكلام أبي الصلاح
الحلبي، ص 50- 51؛ كشف المراد، ص 314؛ محصل أفكار المتقدمين و المتأخرين، لفخر
الدين الرازي، ص 243- 244؛ الإبانة عن أصول الديانة، ص 42- 47.