فنقول: لا تحابط بين
الطاعة و المعصية و لا بين المستحقّين عليهما من الثواب و العقاب. و الذي يدلّ على
صحّة ما ذكرناه أنّ المراد بالاحباط إنّما هو إبطال المعصية الطاعة أو إبطال عقاب
المعصية ثواب الطاعة؛ و بالتكفير ابطال الطاعة المعصية أو إبطال ثواب الطاعة عقاب
المعصية. و الإبطال إنّما هو النفي و الإزالة.
و الشيء إنّما ينفي غيره
و يزيله إذا كان بينهما تضادّ أو ما يجرى مجراه. و لا تضادّ بين الطاعة و المعصية
و لا بين الثواب و العقاب، بل الطاعة من جنس المعصية و الثواب من جنس العقاب، بل
زائدا على تجانس الطاعة و المعصية و الثواب و العقاب نفس ما يقع طاعة يجوز أن يقع
معصية.
ألا ترى أنّ قعود الإنسان
في دار غيره بإذنه للعبادة طاعة. و لو فعل ذلك القعود بعينه من غير إذنه لكان
معصية، و وقوع ذلك القعود من غير إذنه جائز غير مستحيل. و كذلك نفس ما يقع ثوابا
يجوز أن يقع عقابا، لأنّ الثواب إنّما هو النفع الواقع على بعض الوجوه. و العقاب
إنّما هو الضرر الواقع على بعض الوجوه. و لا شيء يقع نفعا إلّا و يجوز أن يقع
ضررا بأن يصادف نفارا متعلّقا به.
على أنّا سلّمنا التضادّ
بين الثواب و العقاب لما تنافيا و هما معدومان، لأنّ الضدّ الحقيقيّ لا ينافي ضدّه
في حال عدمه باعتبار أنّ السواد و البياض يجتمعان في العدم و التحابط عندهم إنّما
يكون بين المستحقّين من الثواب و العقاب، و هما