فكإظهار كلمة الكفر، لأنّه
يحسن إظهارها عند الإكراه عليها، و لا يجب، إذ قد رغّب في الامساك عن إظهارها لما
في ذلك من إعزاز الدين و تقويته.
فإن قيل: كيف يرغّب في ترك
إظهار كلمة الكفر إعزازا للدين، مع ما فيه من المفسدة و وقوع القتل الذي هو ظلم
عنده؟ و هل هذا إلّا ترغيب في المفسدة؟ فيجب أن يقبح منه ترك إظهارها، و أن يكون
إظهارها واجبا لا رخصة.
قلنا: إذا علمنا بالإجماع
أنّ الصبر على القتل أفضل من إظهار كلمة الكفر علمنا بذلك أنّه لا مفسدة في ترك
الإظهار.
فإن قيل: كيف لا تكون
مفسدة، و القتل القبيح واقع عنده، و لو لاه لم يقع؟.
قلنا: يمكن خروج ذلك من
كونه مفسدة بأن يعلم اللّه تعالى أنّ القتل كان يقع على كلّ حال و إن أظهر كلمة
الكفر، أو يعلم أنّ ما يظنّ من وقوع القتل إذا لم يظهر الكفر لا يقع و إن لم
يظهره، فيخرج بأحد هذين الوجهين من أن تكون مفسدة.
و قد ألحق قوم بذلك إظهار
كلمة الحقّ عند السلطان الجائر، و جعلوا ذلك أفضل، و إن حصل الخوف على النفس،
كإظهار كلمة الكفر.
قال الشيخ السعيد أبو جعفر
رفع اللّه درجته: و الظاهر من مذاهب الإمامية و قولهم في وجوب التقية ينافي ذلك، و
لكنّه يمكن أن يقال: إنّهم إنما يوجبون التقية في الموضع الذي لا يكون في الصبر
على الأذى إعزاز الدين، و قد حكى الشيخ عن السيّد رحمهما اللّه ما ذكرناه من أنّ
المكره على إظهار كلمة الكفر قد رغّب في الامتناع من إظهارها، لما فيه من إعزاز
الدين[1].