قال: و لا يجوز أن يكون
وجه وجوبهما أنّ فيهما لطفا، لأنّ ذلك ليس معلوم عقلا، و لا وجه في العقل يقتضي
ذلك[1].
قال: و لو وجبا لما يقال:
من أنّه يكون معهما أقرب إلى أداء الواجب و مجانبة المنكر لوجب علينا في كلّ فعل
تكون معه أقرب إلى مجانبة القبيح و أداء الواجب كحضور مجالس الوعظ و سماع قول
المذكرين و زيارة القبور و عيادة المريض و تشييع الجنائز، فكما لم يجب شيء من
ذلك، بل كان العلم باستحقاق العقاب و الثواب كافيا في اللطف و ما زاد عليه فهو في
حكم المندوب إليه، فكذا القول في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر[2].
و اعلم إنّ معاني هذه
الجملة التي أوردناها ممّا احتجّ به أبو هاشم، أوردها السيد قدّس اللّه روحه في
الذخيرة، إيراد من يرتضيها، و قد نقل الشيخ أبو جعفر رفع اللّه درجتهما ألفاظه في
التمهيد[3] ثمّ قال: و يقوى في نفسي أن النهي عن
المنكر واجب عقلا لما فيه من اللطف، و لا يكفي فيه العلم باستحقاق الثواب و
العقاب، لأنّا إن قلنا ما زاد عليه في حكم الندب دخل علينا أن يكون الخوف من تأديب
الإمام ليس بواجب، بل له صفة الندب، و يكفي العلم باستحقاق الثواب و العقاب، و
ينقض ذلك علينا وجوب الرئاسة، فالأقوى أن يكون ذلك واجبا عقلا[4].
فإن قيل: فبما ذا يجب
الشيخ عن المعارضات التي ذكرها أبو هاشم و ارتضاها السيد من استماع أقوال الواعظين
و حضور مجالسهم و تشييع الجنائز و زيارة القبور و عيادة المرضى؟.
قلنا: يمكن الجواب عنها
بأن يقال: هذه الامور إنّما تذكّر الآخرة و البعث