و لقائل أن يقول: قد بيّنا
جواز ذلك و أنّه لا يوجب التنفير عن النبيّ، فيلزم تجويز ما قاله أبو عليّ و من
كان قبله.
و أورد أصحاب أبي هاشم
سؤالا على أنفسهم، فقالوا: أ ليس يحسن بعثة نبيّ بعد نبيّ و إظهار معجز بعد معجز و
إن وقع الاستغناء بواحد؟ فلم لا يجوز أن يبعث اللّه نبيّا بالعقليّات و إن وقع
الاستغناء منه بالعقل؟
و أجابوا عنه بأن قالوا:
إنّا لا نجوّز ذلك، إلّا إذا كان فيه مزيد فائدة، كأن تتعلّق المصلحة بأدائهما
الشرع، و لا تحصل تلك المصلحة بالواحد منهما، و كذلك هذا في المعجز الثاني، أو
يستبدل بعض الناس بأحدهما و الآخرون بالثاني، لأنّه بلغهم دون الثاني.
و لقائل أن يقول: إنّ أبا
عليّ أيضا لا يجوّز بعثة النبيّ بمجرّد ما في العقل، إلّا إذا حصلت فيهما مزيّة لا
تحصل من دونها، نحو أن يكون دعاؤه إيّاهم إلى العقليّات لطفا و مصلحة لهم.