نذكر أوّلا اختلاف الناس
في حسن الآلام و قبحها ثمّ نرتّب عليه المقصود، فنقول: ذهبت الثنويّة إلى قبح
جميعها و ذهبت المجبّرة إلى حسن جميعها من محدثها، و ذهبت غير الثنويّة و الجبريّة
الى حسن بعضها و قبح البعض، و اختلفوا في تعيين ما يقبح أو يحسن، فذهبت البكريّة و
أصحاب التناسخ إلى أنّ الألم لا يحسن إلّا إذا كان مستحقّا، و ما عداه فهو قبيح. و
أدّى هذا المذهب البكريّة إلى جحد ما علموه و علمه كلّ عاقل، ضرورة، من تألّم
أطفال و غيرهم ممّن ليس عليهم تكليف بالأمراض النازلة بهم من قبل اللّه لما علموا
أنّهم لم يذنبوا فلا يستحقّون عقوبة و أنّه تعالى لا يفعل القبيح، و التناسخيّة
إلى القول بالتناسخ و أنّ كلّ من يؤلّمه تعالى بالأمراض و غيرها من الأطفال و
البهائم و غيرهم، فانّما يؤلّمه بسبب أنّهم عصوا اللّه قبل هذا في زمان تكليفهم
لمّا كانوا في هياكل اخر.
و ذهب شيوخ أهل العدل إلى
أنّ الألم قد يحسن، لوجوه:
منها: أن يكون مستحقّا.
و منها: أن يكون فيه نفع
يوفي عليه.
و منها: أن يكون فيه دفع ضرر
أعظم منه.
و منها: أن يظنّ فيه أحد
الوجهين: إمّا النفع الموفي عليه، أو الدفع بالضرر