فيجب أن يتضمّن الخاطر
التنبيه على أمارات ثبوت الصانع، و أمارة استحقاق العقاب منه إن لم ينظر و فعل ما
يسخطه، و أمارة عندها يرجو زوال الخوف بالنظر ليخاف من ترك النظر.
و أمارة استحقاق العقاب
على القبيح و الإخلال بالواجب هي استحقاق الذمّ عليهما، لأنّ ما يستحقّ عليه الذمّ
مع انّه موذ مضرّ لا يؤمن أن يستحقّ عليه ضرر زائد هو العقاب.
و أمارة إثبات الصانع هي
آثار الصنعة الظاهرة في العالم التي يستدلّ بها عليه تعالى. فهي قبل الاستدلال بها
أمارات لائحة لإثبات الصانع جلّ و عزّ، إذا العقل يقضي في تلك الآثار بأنّ الأرجح
أن يكون لها صانع و مدبّر.
و أمارة زوال الخوف بالنظر
هي ما قد استقرّ في العقل من أنّ الإنسان بالبحث و الفحص و التفكّر يكون أقرب إلى
الاطلاع و الوقوف على حقائق الأمور.
و أوجب أبو هاشم التنبيه
على هذه الأمارات، و لكنّه لم يوجب التنبيه على مراتب الأدلّة، على ما أوجبه أبوه
أبو عليّ، قال: لأنّ الإنسان بكمال عقله يعلم أنّ معرفة الصانع بأن تستدرك من
الصنعة أولى من أنّ تستدرك من الحساب و الهندسة، فإذا خطر بباله الصانع للعالم
جوّز أن يكون له صانع و غلب على ظنّه ذلك لما يرى من آثار الصنعة، و يتلو هذا خوفه
أن يكون قد أراد منه شيئا و سخط منه شيئا و أنّه يستحقّ أن يعاقبه على ما يسخط
لعظيم إنعامه عليه و يعلم أنّه إذا علم أنّ له صانعا يجازيه على القبيح و الإخلال
بالواجب كان أبعد منهما خوفا من المضرّة، و قد علم أنّ معرفة الصانع بأن تطلب و
تستدرك من طريق صنائعه و أفعاله أولى من أن تطلب من طريق آخر كهندسة أو حساب. فعند
ذلك يخاف من ترك النظر و يعلم وجوب أن ينظر فيما يراه من آثار الصنعة