أ ليس سواد الشعر مضادّا
لبياض الوجه في الجنس، ثمّ هما مستلذان، فيكون كلّ واحد منهما خيرا، و هو صادر عن
النور عندكم، و على العكس سواد الوجه و بياض الشعر غير مستحسن فهو من فعل الظلمة،
لأنّ عندهم كلّ مكروه فهو من الظلمة، و كلّ محبوب فهو من النور، فبطل قولهم إنّ تضادّ
الفعل يدلّ على تضادّ الفاعل.
ثمّ يقال لهم، و الامتزاج
بين النور و الظلمة من أيهما حصل.
فإن قالوا: من النور،
كانوا قد اضافوا إلى النور الشرّ، لأنّ خروج النور من كونه نورا محضا صافيا خالصا،
إلى كونه ممزوجا بالظلمة منكدرا بها شرّ.
فإن قالوا: ما زجها ليلتها
و يؤدّبها و يردّها إلى الخير، و الامتزاج على هذا الوجه لا يكون منكدرا شرّا.
قلنا لهم: فهذا إضافة شر
آخر إليه، و هو الجهل، لأنّ الظلمة عندهم موجبة للشرّ غير قابلة للخير و النور إذا
مازجها ليزيلها عن طبيعتها كان جاهلا بحالها، و الجهل من النقائص.
ثمّ يقال لهم: إن كان
الامتزاج من فعل النور، و الظلمة ضدّ النور، كان يجب أن يحصل من الظلمة المباينة
التي هي ضدّ الامتزاج.
و إن قالوا: الظلمة أسرت
النور، فبهذا السبب وقع الامتزاج.
كانوا قد أضافوا إلى
الظلمة فضيلة هي القوّة على الغلبة و الأسر، و إلى النور نقيصة هي العجز و الضعف.
فإن قال المرقونيّة: إن
الامتزاج من فعل ثالث على ما يذهبون إليه.