القوة يحرك كما يحرك
المشتهي و المعشوق. و محرك آخر مزاول للحركة، فيكون صورة للجرم السماوي، فالأول
عقل مفارق، و الثاني نفس مزاول. فالمحركات المفارقة تحرك على أنها مشتهاة معشوقة.
و المحركات المزاولة تحرك على أنها مشتهية عاشقة. ثم يطلب عدد المحركات من عدد
حركات الأكر. و ذلك شيء لم يكن ظاهرا في زمانه، و إنما ظهر بعد.
و الأكر تسع، لما دل الرصد
عليها. فالعقول المفارقة عشرة: تسعة منها مدبرات النفوس التسعة المزاولة، و واحد
هو العقل الفعال.
قال أرسطوطاليس: اللذة في
المحسوسات هو الشعور بالملائم، و في المعقولات الشعور بالكمال الواصل إليه من حيث
يشعر به. فالأول مغتبط بذاته، ملتذ بها، لأنه يعقل ذاته على كمال حقيقتها و شرفها
و إن جل عن أن ينسب إليه لذة انفعالية، بل يجب أن يسمى ذلك بهجة، و علاء، و بهاء.
كيف و نحن نلتذ بإدراك الحق، و نحن مصروفون عنه، مردودون في قضاء حاجات خارجة عما
يناسب حقيقتنا التي نحن بها ناس، و ذلك لضعف عقولنا، و قصورنا في المعقولات،
[1] قال أرسطو: و
الطبيعة لنا كحال صالحة، و ما بعده يشير بهذا إلى أنه مثل هذا المبدأ الذي يعقل
ذاته و يعقل كمال حقيقته و شرفها، فهو مغتبط بذاته، ملتذ بها، و إن جل عن أن تنسب
إليه اللذة الانفعالية، بل يجب أن تسمى بهجة أو شيئا آخر، فإنه لا محالة له بهاء
ذاته، و علاء ذاته، و هو مدرك لها و ليس المعنى الذي يسمى في المحسوسات لذة الأنفس
الشعور بالملائم و الكمال الواصل من حيث يشعر به، و من حيث هو كذلك، فكيف الإدراك
الأول، للكمال الخفي بالغاية و كيف و نحن نلتذ بإدراك الحق و نحن مصروفون عنه
مرددون في قضاء حاجات خارجية عما يناسب حقيقتنا التي بها نحن ناس. فنقول إنا مع
ضعف تصورنا للمعقولات القوية و انغماسنا في الطبيعة البدنية قد نتوصل على سبيل
الاختلاس فيظهر لنا اتصال بالحق الأول فتكون كسعادة عجيبة في زمان قليل جدا، و هذا
الحال له أبدا، و هو لنا غير ممكن لأننا بدنيون و لا يمكننا أن نشيم تلك البارقة
الإلهية إلا خطفة و خلسة. (انظر المصدر السابق).