و منهم: خروسيبس و زينون،
و قولهما الخالص: إن الباري تعالى المبدع الأول واحد محض، هو هو إن فقط، أبدع
العقل و النفس دفعة واحدة، ثم أبدع جميع ما تحتهما بتوسطهما. و في بدء ما أبدعهما،
أبدعهما جوهرين لا يجوز عليهما الدثور و الفناء.
و ذكروا أن للنفس جرمين:
جرم من النار و الهواء، و جرم من الماء و الأرض، فالنفس متحدة بالجرم الذي من
النار و الهواء، و الجرم الذي من النار و الهواء متحد بالجرم الذي من الماء و
الأرض، و النفس تظهر أفاعيلها في ذلك الجرم، و ذلك الجرم ليس له طول و لا عرض، و
لا قدر مكاني، و باصطلاحنا سميناه جسما، و أفاعيل النفس فيه نيرة بهية، و من الجسم
إلى الجرم ينحدر النور، و الحسن، و البهاء، و لما ظهرت أفاعيل النفس عندنا
بمتوسطين كانت أظلم، و لم يكن لها نور شديد.
و ذكروا أن النفس إذا كانت
طاهرة زكية استخصت الأجزاء النارية و الهوائية، و هي جسمها، و استصحبت في ذلك العالم
جسما روحانيا، نورانيا علويا، طاهرا،
[1] يظهر أن الشهرستاني
و غيره لم يذكروا عن أهل المظال إلا القليل لأن التاريخ لم يحفظ لنا مما كتبه
الفلاسفة الرواقيون في القرون الثلاثة الأولى من حياة مدرستهم سوى أجزاء قليلة
متناثرة، على كثرة ما سطرت أقلامهم، حتى قيل عن أحدهم كريسبس أنه ألّف وحده نحو
سبعمائة كتاب مناقضة لفلسفة سقراط و أفلاطون و أرسطو مما نأى بالكتاب الإسلاميين
عن العناية بهم و بفلسفتهم. (الفلسفة الرواقية ص 30).