responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الملل و النحل نویسنده : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    جلد : 2  صفحه : 350

العقل بالفعل؟ و هو استكمال النفس بصورة ما أو صورة معقولة، حتى متى شاء عقلها و أحضرها بالفعل. و أين العقل المستفاد؟ و هو ماهية مجردة عن المادة، مرتسمة في النفس على سبيل الحصول من خارج. و أين العقول المفارقة؟ فإنها ماهيات مجردة عن المادة. و أين العقل الفعال؟ فإنه من جهة ما هو عقل، فإنه جوهر صوري، ذاته ماهية مجردة في ذاتها؛ لا بتجريدها غيرها؛ عن المادة، و عن علائق المادة، و هي ماهية كل موجود، و من جهة ما هو فعال، فإنه جوهر بالصفة المذكورة؛ من شأنه أن يخرج العقل الهيولاني من القوة إلى الفعل بإشراقه عليه؟.

فقد تعرض لنوع واحد من العقول، و لا خلاف أن هذه العقول قد اختلفت حدودها و تباينت فصولها كما سمعت.

فأخبرني أيها المتكلم الحكيم، من أي عقل تعدّ عقلك أولا؟ و هل ترضى أن يقال لك: تساوت الأقدام في العقول؟ حتى يكون عقلك بالفعل و الإفادة كعقل غيرك بالقوة و الاستعداد، بل و استعداد عقلك لقبول المعقولات كاستعداد عقل غبي غوي لا يرد عليه الفكر برادة، و لا ينفك الخيال عن عقله، كما لا ينفك الحس عن خياله، و إذا كانت الأقدام متساوية فما هذا الترتب في الأقسام؟ و إذا أثبت ترتبا في العقول، فبالضرورة أن ترتقي في الصعود إلى درجة الاستقلال و الإفادة، و تنزل في الهبوط إلى درجة الاستعداد و الاستفادة. ثم هل في نوعه ما هو عديم الاستعداد أصلا حتى يشبه أن يكون عقلا، و ليس عقلا؟ و ما النوع الذي تثبته الشياطين؟ أ هو من عداد ما ذكرنا؟ أم خارج عن ذلك؟ فإنك إذا ذكرت حد الملك، و أنه جوهر بسيط ذو حياة و نطق عقلي غير مائت، هو واسطة بين الباري تعالى و الأجسام السماوية و الأرضية، و عددت أقسامه:


، و تعد أقسامه و أنواعه أيضا، و يلزمك من حيث الترتب أن تذكر حد الإنسان على التضاد مما ذكرته من حد الملك، و تعد أقسامه و أنواعه كذلك حتى يكون من الإنسان ما هو محسوس فقط، و منه ما هو- مع كونه محسوسا- روحاني نفساني عقلي، و ذلك هو درجة النبوة، فمن عقل عمل من حس، و من حس عمل من عقل، و من نفس مزاجي، و من مزاج نفسي، و من روح جسماني، و من جسم روحاني. دع عنك كلام العامة و لا تظنن هذه الطامة.

قالت الصابئة:

لقد حصرتمونا بإبطال تساوي العقول و النفوس، و إثبات الترتب و التضاد فيهما.

و لا شك أن من سلم الترتب فقد لزمه الاتباع. فأخبرونا ما رتبة الأنبياء بالنسبة إلى نوع الإنسان؟ و ما رتبتهم بالإضافة إلى الملك و الجن‌ [1] و سائر الموجودات؟ ثم ما مرتبة النبي عند الباري تعالى؟ فإن عندنا الروحانيات أعلى مرتبة من جميع الموجودات، و هم المقربون في الحضرة الإلهية، و المكرمون لديه، و نراكم تارة تقولون: إن النبي يتعلم من الروحاني‌ [2]، و نراكم تارة تقولون: إن الروحاني يتعلم من النبي.


[1] الملائكة و الجن أجسام لطيفة قادرة على التشكل، و قد امتازت الملائكة بأن أجسامهم نورانية دأبهم الطاعات لا يعصون اللّه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون، هم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون و أنهم لا يغتذون و يتشكلون بأشكال الخير وحدها.

أما الجن فهم أجسام نارية مستعدون للخير و الشر معا، و هم يغتذون و نفوس هؤلاء و سائر الناس دون نفوس الأنبياء التي قد تميزت نفوسهم بعقل هاد مهدي هو فوق العقول كلها بالنفحة الربانية المدبرة لها المالكة عليها المتصرفة فيها.

[2] اتفقت كلمة الأنبياء على أنهم لا ينطقون بشي‌ء من المعارف و العلوم إلا بعد الوحي، فهذا اعتراف بأن علومهم مستفادة منهم، و قد كان جبريل معلما لمحمد صلى اللّه عليه و سلم بدليل قوله تعالى في سورة النجم: الآية 5:

عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى‌ و المعلم أعلم من المتعلم، لا نسلم بذلك فقد اعترفت الملائكة بأن آدم أكثر علما منهم بدليل قوله تعالى في سورة البقرة: الآية 33: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ‌ بعد أن بيّن لهم من فضل آدم عليه السلام ما لم يكن ذلك معلوما لهم، و ذلك بأن علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم عليهم ليظهر بذلك كمال فضله و قصورهم في العلم عنه، و محمد صلى اللّه عليه و سلم أفضل من آدم عليه السلام و أعلم منه، على أنا لو سلمنا مزيد علم الملائكة لكن ذلك لا يقتضي الأفضلية و كثرة الثواب، فإنا نرى الرجل المبتدع محيطا-

الملل و النحل ج‌2 352 أجابت الحنفاء: ..... ص : 352

 

نام کتاب : الملل و النحل نویسنده : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    جلد : 2  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست