اللّه تعالى لا يقدر على
ظلم العقلاء، و إنما يوصف بالقدرة على ظلم الأطفال و المجانين.
و كذلك الجعفران: جعفر[1] بن مبشر، و جعفر[2] بن حرب، وافقاه و ما زاد عليه إلا أن جعفر بن مبشر قال: في فساق
الأمة من هو شر من الزنادقة و المجوس.
و زعم أن إجماع الصحابة
على حد شارب الخمر كان خطأ، إذ المعتبر في الحدود:
النص و التوقيف[3]. و زعم أن سارق الحبة الواحدة فاسق
منخلع من الإيمان.
و كان محمد بن شبيب، و أبو
شمر، و موسى بن عمران من أصحاب النظام إلا أنهم خالفوه في الوعيد، و في المنزلة
بين المنزلتين، و قالوا: صاحب الكبيرة لا يخرج من الإيمان إلا بمجرد ارتكاب
الكبيرة. و كان ابن مبشر يقول في الوعيد:
إن استحقاق العقاب و
الخلود في النار بالفكر يعرف قبل ورود السمع. و سائر أصحابه يقولون: التخليد لا
يعرف إلا بالسمع.
و من أصحاب النظام: الفضل
الحدثي، و أحمد بن خابط. قال الراوندي:
إنهما كانا يزعمان أن
للخلق خالقين: أحدهما: قديم و هو الباري تعالى. و الثاني
- على الظلم و الكذب و لكنه
لا يفعلهما لعلمه بقبحهما و غناه عنهما. و جعل بين القولين منزلة فزعم أنه إنما
يقدر على ظلم من لا عقل له و لا يقدر على ظلم العقلاء و أكفره أسلافه في ذلك، و
أكفرهم هو في خلافه ...». (راجع عبد القاهر ص 102).
[1] هو جعفر بن مبشر بن
أحمد الثقفي: متكلّم، من كبار المعتزلة. له آراء انفرد بها. مولده و وفاته ببغداد.
توفي سنة 234 ه/ 848 م.
(راجع تاريخ بغداد 7: 162).
[2] هو جعفر بن حرب
الهمداني. من أئمة المعتزلة، من أهل بغداد. كان له اختصاص بالواثق العباسي، قال
المسعودي: و إلى أبيه يضاف شارع «باب حرب» في الجانب الغربي من مدينة السلام. كان
يقول:
أن بعض الجملة غير
الجملة. و هذا يوجب عليه أن تكون الجملة غير نفسها إذا كان كل بعض منها غيرها. و
كان يزعم أن الممنوع من الفعل قادر على الفعل و ليس يقدر على شيء. هكذا حكى عنه
الكعبي في مقالاته. توفي سنة 236 ه/ 850 م. (راجع تاريخ بغداد 7: 162).
[3] شارك ببدعته هذه
نجدات الخوارج في إنكارها حدّ الخمر و قد أجمع فقهاء الأمة على تكفير من أنكر حسّه
الخمر النيء و إنما اختلفوا في حدّ شارب النبيذ إذا لم يسكر منه، فإن سكر فعليه
الحدّ عند فريقي الرأي و الحديث.