ثم زاد على خزيه ذلك بأن
عاب عليا و عبد اللّه بن مسعود لقولهما: أقول فيها برأيي، و كذب ابن مسعود في
روايته: «السّعيد من سعد في بطن أمّه، و الشّقيّ من شقي في بطن أمّه» و في روايته
انشقاق القمر[1]، و في تشبيهه الجن بالزط. و قد أنكر
الجن رأسا إلى غير ذلك من الوقيعة الفاحشة في الصحابة رضي اللّه عنهم أجمعين.
الثانية عشرة: قوله في
المفكر قبل ورود السمع إنه إذا كان عاقلا متمكنا من النظر يجب عليه تحصيل معرفة
الباري تعالى بالنظر و الاستدلال. و قال بتحسين العقل و تقبيحه في جميع ما يتصرف
فيه من أفعال. و قال: لا بد من خاطرين، أحدهما يأمر بالإقدام، و الآخر بالكف ليصح
الاختيار.
الثالثة عشرة: قد تكلم في
مسائل الوعد و الوعيد، و زعم أن من خان في مائة و تسعة و تسعين درهما بالسرقة أو
الظلم لم يفسق بذلك حتى تبلغ خيانته نصاب الزكاة و هو مائتا درهم فصاعدا، فحينئذ
يفسق، و كذلك في سائر نصب الزكاة. و قال في المعاد إن الفضل على الأطفال كالفضل
على البهائم.
و وافقه الأسواري[2] في جميع ما ذهب إليه، و زاد عليه بأن
قال إن اللّه تعالى لا يوصف بالقدرة على ما علم أنه لا يفعله، و لا على ما أخبر
أنه لا بفعله، مع أن الإنسان قادر على ذلك، لأن قدرة العبد صالحة للضدين. و من
المعلوم أن أحد الضدين واقع في المعلوم أنه سيوجد دون الثاني. و الخطاب لا ينقطع
عن أبي لهب و إن أخبر الرب تعالى بأنه سيصلى نارا ذات لهب.
و وافقه أبو جعفر
الإسكافي[3] و أصحابه من المعتزلة، و زاد عليه بأن
قال: إن
[1] أنكر انشقاق القمر
مع ذكر اللّه تعالى في كتابه: اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ .. و لما رأى المشركون
انشقاقه زعموا أن ذلك واقع بسحر.
[2] هو عمرو بن فائد
الأسواري يكنى أبا علي. كان يذهب إلى القدر و الاعتزال و لا يقيم الحديث، و كان
منقطعا إلى محمد بن سليمان أمير البصرة و أخذ عن عمرو بن عبيد و له معه مناظرات.
توفي بعد المائتين سنة. (راجع لسان الميزان 4: 372).
[3] «زعم أن اللّه
تعالى يوصف بالقدرة على ظلم الأطفال و المجانين. و لا يوصف بالقدرة على ظلم
العقلاء.
فخرج عن قول النظام بأنه
لا يقدر على الظلم و الكذب، و خرج عن قول من قال من أسلافه إنه يقدر-