القول بأن اللّه تعالى
قديم، و القدم أخصّ وصف ذاته. و نفوا الصفات القديمة[1] أصلا، فقالوا: هو عالم بذاته، قادر بذاته، حي بذاته، لا بعلم و قدرة
و حياة. هي صفات قديمة، و معان قائمة به؛ لأنه لو شاركته الصفات في القدم الذي هو
أخصّ الوصف لشاركته في الإلهية.
و اتفقوا على أن كلامه
محدث مخلوق في محلّ. و هو حرف و صوت كتب أمثاله في المصاحف حكايات عنه. فإن ما وجد
في المحل عرض قد فني في الحال.
(cs( و اتفقوا على أن الإرادة و السمع و البصر
ليست معاني قائمة بذاته، لكن اختلفوا في وجوه وجودها، و محامل معانيها كما سيأتي.
(cs( و اتفقوا على نفي رؤية اللّه تعالى بالأبصار
في دار القرار، و نفي التشبيه عنه من كل وجه: جهة، و مكانا، و صورة، و جسما، و
تحيزا، و انتقالا، و زوالا، و تغيرا، و تأثرا. و أوجبوا تأويل الآيات المتشابهة
فيها. و سموا هذا النمط: توحيدا.
(cs( و اتفقوا على أن العبد قادر خالق لأفعاله
خيرها و شرّها. مستحق على ما يفعله ثوابا و عقابا في الدار الآخرة. و الرب تعالى
منزه أن يضاف إليه شرّ و ظلم، و فعل هو كفر و معصية، لأنه لو خلق الظلم لكان
ظالما، كما لو خلق العدل لكان عادلا.
(cs( و اتفقوا على أنّ اللّه تعالى لا يفعل إلّا
الصلاح و الخير، و يجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد، و أمّا الأصلح و اللطف
ففي وجوبه عندهم خلاف. و سمّوا هذا النمط: عدلا.
(cs( و اتفقوا على أنّ المؤمن إذا خرج من الدنيا
على طاعة و توبة، استحق الثواب و العوض. و التفضل معنى آخر وراء الثواب. و إذا خرج
من غير توبة عن كبيرة
[1] راجع البيروني ص 13
في حديثه حول هذا الموضوع، و فيه لبعض مفكري الهنود أن «له العلو التام في القدرة
لا المكان فإنه يجل عن التمكن، و هو الخير المحض التام الذي يشتاقه كل موجود، و هو
العلم الخالص عن دنس السهو و الجهل ... و إذ ليس للأمور الإلهية بالزمان اتصال
فاللّه سبحانه عالم متكلم في الأزل ... و علمه على حاله في الأزل. و إذ لم يجهل قط
فذاته عالمة لم تكتسب علما لم يكن له».
و من آراء فلاسفة
اليونان في الذات و الصفات، قول أنباذقليس بأن «الباري تعالى يعلم هويته فقط، و هو
العلم المحض. و هو الإرادة المحضة، و هو الجود و العزة و القدرة و العدل و الخير و
الحق، لا أن هناك قوى مسماة بهذه الأسماء: بل هي: هو، و هو: هذه كلها».