الطهارة أكثر من تقشف سائر
اليهود، أثبتوا نبوة موسى و هارون و يوشع بن نون عليهم السلام و أنكروا نبوة من
بعدهم من الأنبياء، إلا نبيا واحدا، و قالوا: التوراة ما بشرت إلا بنبي واحد يأتي
من بعد موسى، يصدق ما بين يديه من التوراة، و يحكم بحكمها، و لا يخالفها البتة.
و ظهر في السامرة رجل يقال
له الألفان، ادعى النبوة و زعم أنه هو الذي بشر به موسى عليه السلام، و أنه هو
الكوكب الدريّ الذي ورد في التوراة أنه يضيء ضوء القمر، و كان ظهوره قبل المسيح
عليه السلام، بقريب من مائة سنة.
و افترقت السامرة إلى
دوستانية و هم الألفانية، و إلى كوستانية[1]. و الدوستانية معناها: الفرقة المتفرقة الكاذبة. و الكوستانية
معناها: الجماعة الصادقة. و هم يقرون بالآخرة، و الثواب و العقاب فيها، و
الدوستانية تزعم أن الثواب و العقاب في الدنيا. و بين الفريقين اختلاف في الأحكام
و الشرائع.
و قبلة السامرة جبل يقال
له كزيريم[2] بين بيت المقدس و نابلس، قالوا: إن
اللّه تعالى أمر داود أن يبني بيت المقدس بجبل نابلس و هو الطور الذي كلم اللّه
عليه موسى عليه السلام. فتحول داود إلى إيلياء[3] و بنى البيت ثمة، و خالف الأمر فظلم. و السامرة توجهوا إلى تلك
القبلة دون سائر اليهود، و لغتهم[4] غير لغة اليهود، و زعموا أن التوراة كانت بلسانهم و هي قريبة من
العبرانية إلى السريانية.
فهذه أربع فرق هم الكبار.
و انشعبت منهم الفرق إلى إحدى و سبعين فرقة.
و هم بأسرهم أجمعوا على أن
التوراة بشارة بواحد بعد موسى. و إنما افتراقهم إما
[1] عند المقريزي كما
ذكرنا في الهامش رقم 5 (في الصفحة السابقة) أن السامرة صنفان: الكوشان و الروشان.
[2] كزيريم: جبل بظاهر
نابلس اسمه كزيرم و هو مذكور في التوراة. و تعتقد اليهود أن الذبح كان عليه و
عندهم أن الذبيح إسحاق عليه السلام. (معجم 8: 233 و 7: 249).
[4] قال ابن حزم 1:
117: «و بأيدي السامرة توراة غير التوراة التي بأيدي سائر اليهود يزعمون أنها
المنزلة و يقطعون أن التي بأيدي اليهود محرفة مبدلة. و اليهود يقولون إن التي
بأيدي السامرة محرفة مبدلة».