و هذا كما يحمل في القرآن
المجيء، و الإتيان على إتيان ملك من الملائكة، و هو كما قال تعالى في حق مريم
عليها السلام: فَنَفَخْنا[1] فِيها مِنْ رُوحِنا[2]. و في موضع آخر: فَنَفَخْنا فِيهِ
مِنْ رُوحِنا[3] و إنما النافخ جبريل عليه السلام، حين
تمثل لها بشرا سويّا ليهب لها غلاما زكيّا[4].
[4] إشارة إلى قوله
تعالى في سورة مريم: الآيات 17- 18- 19: فَتَمَثَّلَ
لَها بَشَراً سَوِيًّا* قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ
تَقِيًّا* قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا.
[5] في المقريزي 4: 369
و اعتقادات ص 83 و المسألة اليهودية ص 16 و تاريخ الإسرائيليين ص 122:
«السامرة، و بالعبرية
كوتيم، و هم ليسوا من بني إسرائيل البتة، و إنما هم قوم قدموا من بلاد المشرق و
سكنوا بلاد الشام، و تهودوا و كانوا لا يؤمنون بنبي غير موسى و هارون و لا بكتاب
غير التوراة، و ما عداهم من اليهود يؤمنون بالتوراة، و غيرها من كتب اللّه تعالى و
هي خمس و عشرون كتابا ككتاب أشعيا و أرميا و حزقيل. و كان السامرة يطلقون على
أنفسهم اسم شومريم أي سامرة من اسم شمرون أو بني إسرائيل و كانوا يقولون إنهم من
أولاد يوسف أو لسكناهم مدينة شمرون. و شمرون هذه هي مدينة نابلس و كانوا ينكرون
نبوة داود و من تلاه من الأنبياء و أبوا أن يكون بعد موسى نبي و جعلوا رؤساءهم من
ولد هارون.
و ذكر المسعودي أن
السامرة صنفان متباينان أحدهما يقال له الكوشان و الآخر الروشان. أحد الصنفين يقول
بقدم العالم. و السامرة تزعم أن التوراة التي في أيدي اليهود ليست التوراة التي
أوردها موسى عليه السلام و يقولون توراة موسى حرّفت و غيّرت و بدّلت و أن التوراة
هي ما بأيديهم دون غيرهم.
و ذكر البيروني أن
السامرة تعرف باللامساسية. قال و هم الأبدال الذين بدلهم بختنصر بالشام حين أسر
اليهود و أجلاهم و كانت السامرة أعانوه و دلوه على عورات بني إسرائيل فلم يحاربهم
و لم يقتلهم و لم يسبهم و أنزلهم فلسطين من تحت يده و مذاهبهم ممتزجة من اليهودية
و المجوسية و عامتهم يكونون بموضع من فلسطين يسمّى نابلس و بها كنائسهم ... و لا
يقرون بنبوة من كان بعد موسى عليه السلام من أنبياء بني إسرائيل و قد بقي منهم إلى
عصرنا الحاضر قرابة ثلاثمائة و هم في نابلس في كل سنة يصعدون إلى جبل جزيزيم
«كزيرم» للعبادة منتظرين مجيء المسيح الموعود به».