كان الحجاج طلبه أيام
الوليد فهرب إلى المدينة، فطلبه بها عثمان[1] بن حيان المرّي فظفر به و حبسه. و كان يسامره إلى أن ورد كتاب
الوليد بأن يقطع يديه و رجليه ثم يقتله، ففعل به ذلك.
و كفر أبو بيهس: إبراهيم[2]، و ميمون[3] في اختلافهما في بيع الأمة، و كذلك كفر الواقفية[4]. و زعم أنه لا يسلم أحد حتى يقر
بمعرفة اللّه تعالى و معرفة رسله و معرفة ما جاء به النبي صلى اللّه عليه و سلّم.
و الولاية لأولياء اللّه تعالى، و البراءة من أعداء اللّه. فمن جملة ما ورد به
الشرع و حكم به ما حرم اللّه و جاء به الوعيد، فلا يسعه إلا معرفته بعينه، و
تفسيره و الاحتراز عنه. و منه ما ينبغي أن يعرف باسمه، و لا يضره ألا يعرفه
بتفسيره حتى يبتلى به. و عليه أن يقف عند ما لا يعلم و لا يأتي بشيء إلا بعلم. و
برئ أبو بيهس عن الواقفية لقولهم: إنا نقف فيمن واقع الحرام و هو لا يعلم أ حلالا
واقع أم حراما؟ قال: كان من حقه أن يعلم ذلك.
و الإيمان: هو أن يعلم كل
حق و باطل؛ و أن الإيمان هو العلم بالقلب دون
[1] عثمان بن حيان
المرّي. و في التقريب بالزاي و نون المزني، أبو المغراء الدمشقي، مولى أم الدرداء،
استعمله الوليد على المدينة سنة 93 ه و عرف بالجور و قد وصفه به عمر بن عبد
العزيز. مات سنة 150 ه. (راجع تهذيب التهذيب 7: 113 و التقريب ص 141).
[3] هو ميمون بن عمران
و كان من الخوارج على مذهب العجاردة ثم خالفهم و رجع إلى مذهب القدرية .. ثم اختار
من دين المجوس استحلال بنات البنات و بنات البنين و كان ينكر سورة يوسف و يقول
إنها ليست من القرآن. (راجع التبصير ص 83).
[4] الواقفية: هم طائفة
من الخوارج الأباضية. و قصّتهم أن رجلا من الأباضية اسمه إبراهيم أضاف جماعة من
أهل مذهبه و كانت له جارية على مذهبه قال لها قدّمي شيئا فأبطأت فحلف ليبيعها من
الأعراب و كان فيما بينهم رجل اسمه ميمون، من العجاردة فقال له: تبيع جارية مؤمنة
من قوم كفار؟ فقال:
«و أحلّ اللّه البيع و
حرم الربا» و عليه كان أصحابنا.
و طال الكلام بينهما حتى
تبرأ كل واحد منهما من صاحبه و توقف قوم منهم في كفرهما و كتبوا إلى علمائهم فرجع
الجواب بجواز ذلك البيع و بوجوب التوبة على ميمون و على كل من توقف في نصر إبراهيم
فمن هاهنا افترقوا ثلاث فرق: الإبراهيمية و الميمونية و الواقفية. (راجع التبصير ص
35).