بقدرته من الأقوال و
الإرادات. و يعنون بالمحدث: ما بين ذاته من الجواهر و الأعراض.
و يفرقون بين الخلق و
المخلوق، و الإيجاد و الموجود و الموجد، و كذلك بين الإعدام و المعدوم. فالمخلوق
إنما يقع بالخلق، و الخلق إنما يقع في ذاته بالقدرة، و المعدوم إنما يصير معدوما
بالإعدام الواقع في ذاته بالقدرة.
و زعموا أن في ذاته سبحانه
حوادث كثيرة مثل الإخبار عن الأمور الماضية و الآتية و الكتب المنزلة على الرسل
عليهم السلام، و القصص و الوعد و الوعيد و الأحكام، و من ذلك المسمعات و المبصرات
فيما يجوز أن يسمع و يبصر، و الإيجاد و الإعدام هو القول و الإرادة و ذلك قوله: كُنْ للشيء الذي يريد كونه، و إرادته
لوجود ذلك الشيء، و قوله للشيء كن: صورتان.
و فسر محمد بن الهيصم
الإيجاد و الإعدام: بالإرادة و الإيثار. قال: و ذلك مشروط بالقول شرعا، إذ ورد في
التنزيل: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ
كُنْ فَيَكُونُ[1] و قوله:
إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[2].
و على قول الأكثرين منهم:
الخلق[3] عبارة عن القول و الإرادة. ثم اختلفوا
في التفصيل، فقال بعضهم: لكل موجود إيجاد، و لكل معدوم إعدام، و قال بعضهم: إيجاد
واحد يصلح لموجودين إذا كانا من جنس واحد. و إذا اختلف الجنس تعدد الإيجاد، و ألزم
بعضهم: لو افتقر كل موجود أو كل جنس إلى إيجاد، فليفتقر كل إيجاد إلى قدرة، فالتزم
تعدد القدرة بتعدد الإيجاد.