الحركات الاختيارية حاصلة
تحت القدرة، متوقفة على اختيار القادر. فعن هذا قال: المكتسب هو المقدور بالقدرة
الحاصلة، و الحاصل تحت القدرة الحادثة.
ثم على أصل أبي الحسين: لا
تأثير للقدرة الحادثة في الإحداث، لأن جهة الحدوث قضية واحدة لا تختلف بالنسبة إلى
الجوهر و العرض. فلو أثرت في قضية الحدوث لأثرت في حدوث كل محدث حتى تصلح لإحداث
الألوان، و الطعوم، و الروائح. و تصلح لإحداث الجواهر و الأجسام، فيؤدي إلى تجويز
وقوع السماء على الأرض بالقدرة الحادثة غير أن اللّه تعالى أجرى سنته بأن يحقق
عقيب القدرة الحادثة، أو تحتها، أو معها: الفعل الحاصل إذا أراده العبد و تجرد له،
و يسمى هذا الفعل كسبا، فيكون خلقا من اللّه تعالى إبداعا و إحداثا، و كسبا من
العبد: حصولا تحت قدرته.
و القاضي أبو بكر
الباقلاني تخطى عن هذا القدر قليلا، فقال: الدليل قد قام على أن القدرة الحادثة لا
تصلح للإيجاد، لكن ليست تقتصر صفات الفعل أو وجوهه و اعتباراته على جهة الحدوث
فقط، بل هاهنا وجوه أخر، هن وراء الحدوث من كون الجوهر جوهرا متحيزا، قابلا للعرض.
و من كون العرض عرضا، و لونا، و سوادا و غير ذلك. و هذه أحوال عند مثبتي الأحوال.
قال: فجهة كون الفعل حاصلا بالقدرة الحادثة أو تحتها نسبة خاصة، و يسمى ذلك كسبا،
و ذلك هو أثر القدرة الحادثة.
قال: و إذا جاز على أصل
المعتزلة أن يكون تأثير القدرة أو القادرية القديمة في حال هو الحدوث و الوجود، أو
في وجه من وجوه الفعل، فلم لا يجوز أن يكون تأثير القدرة الحادثة في حال: هو صفة
للحادث، أو في وجه من وجوه الفعل؛ و هو كون الحركة مثلا على هيئة مخصوصة؟ و ذلك أن
المفهوم من الحركة مطلقا و من العرض مطلقا غير المفهوم من القيام و القعود، و هما
حالتان متمايزتان، فإن كل قيام حركة، و ليس كل حركة قياما.