نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 62
ففى وجوده نقصان عن درجة الأول بحسبه يكون ناقص الإدراك. فلا حكيم
إلا الأول إذ هو كامل المعرفة بذاته.
[الغاية فى افعال الواجب]
كل غاية فهى خير، و واجب الوجود لما كانت الغاية فيما يصدر عنه كمال
الخير المطلق كان هو الغاية فى الخلق، إذ كل شىء ينتهى إليه كما قال «و أن إلى
ربك المنتهى [1]».
التعليقات 62 كمال واجب الوجود فى صفاته
[كمال واجب الوجود فى صفاته]
الأول تام القدرة و الحكمة و العلم، كامل فى جميع أفعاله لا يدخل
أفعاله خلل البتة و لا يلحقه عجز و لا قصور. و لو توهم متوهم أن العالم يدخله خلل
أو يتعقب ائتلافه و نظامه انتقاض لوجب من ذلك أن يكون غير تام القدرة و الحكمة و
العلم- تعالى عن ذلك!- إذ قدرته سبب العالم و سبب بقائه و نظامه. و هذه الآفات و
العاهات التي تدخل على الأشياء الأشياء الطبيعية إنما هى تابعة للضرورات، و لعجز
المادة عن قبول النظام التام.
إنما يتوهّم كمال فوق كمال باعتبار ذوى الكمال و تفاوت بعضهم من بعض
فى إضافة الكمالات إلى الكمال التام، فيكون التفاوت بحسب ذلك. و إذا كان الأول
غاية فى الكمال و ليس وراءه كمال يقاس به كماله، فلا يتوهم كمال فوق كماله.
[براهين إثبات الواجب]
الطبيعيون توصلوا إلى إثبات المحرك الأول بما بينوا به من وجوب قوة
غير جسمانية غير متناهية تحرك الفلك و ارتقوا إليه من الطبيعة. و الالهيون سلكوا
غير هذا المسلك و توصلوا إلى إثباته من وجوب الوجود و أنه يجب أن يكون واحدا لا
يتكثر و بيّنوا أن الموجودات صادرة عنه و أنها من لوازم ذاته، و أن الحركة الفلكية
تتحرك شوقا إليه و طلبا للتشبه به فى الكمال، و لا يجوز أن يكون كماله لا يكون
متخصصا به، و لا أن يكون فوق كماله كمال، فإنه لو أمكن ذلك لكان ذلك الذي له ذلك
الكمال الأعلى أولا.
[عقول الكواكب]
عقول الكواكب بالقوة لا بالفعل، فليس لها أن تعقل الأشياء دفعة بل
شيئا بعد شىء و لا أن تتخيل الحركات دفعة بل حركة بعد حركة، و إلا لكانت تتحرك
الحركات كلها معا و هذا محال. و حيث تكون الكثرة يكون ثم نقصان، و لما كانت
الكواكب فى ذواتها كثرة إذ كان فيها تركيب من مادة و صورة هى النفس، كان فى عقولها
نقصان و إنما الكمال حيث تكون البساطة و هى الأول و العقول الفعالة.
إن لم يكن سبق للإمكان، أو لم يكن الإمكان، لم يكن موجود سوى واجب