نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 32
[اعتياد الإنسان بالمحسوسات]
الإنسان لما اعتاد أن يدرك الأشياء بالحس صار يعتقد أن ما لا يدركه
حسا لا حقيقة له، و لا يصدّق بوجود النفس و العقل و كل صورة مجردة، لأنه اعتاد أن
يرى الصور الجسمانية و يراها محمولة فى شىء غير محدود هذا مع ما يراه من فعل
الطبيعة و فعل النفس و العقل اعتبارا. لكنه بوجود الطبيعة أوثق منه بوجود النفس.
و العقل لأنه يشاهد الأجسام الطبيعية و يرى أفعال الطبيعة فيها ظاهرة
و فعل النفس أخفى من الطبيعة لأنها أشد تجردا من الطبيعة و كذلك فعل العقل أشد
تجردا منهما- فكل ما هو أظهر فعلا فى الأجسام فإنه بوجوده أو ثق، و بالجملة فإنه
يعتقد أن لا وجود لجوهر مجرد و لا حقيقة له، و أن الحقيقة إنما هى للجسم المحسوس
لأن الحس يدركه. و لعمرى:
إن الحس لا يدرك المعقول لأنه محدود و لا يدركه إلا محددا، و أما
الغير محدد فلا يدركه إلا الغير المحدد.
[بطلان جسمية الواجب]
و يكاد يعتقد فى الجسم أنه واجب الوجود غير معلول لا سيما الفلك
الأعلى لبساطته. و لا يجوز أن لا يكون معلولا لأنه مركب من هيولى و صورة.
و هناك ثلاثة أشياء: هيولى و طبيعتها العدم، و صورة تقيم الهيولى
بالفعل و تظهر فى الهيولى و تكون محمولة فيها، و تأليف. و لا يجوز أن يكون الجسم
علة فاعليّة لنفسه.
و أيضا فإنه يجب أن تقترن به صورة أخرى حتى يظهر وجوده على ما عرفت.
و الجسم لا فعل له بذاته بل بقواه التي تكون فيه. و هو محدود متناه، و المحدود يجب
أن يكون محدود القوة و القدرة متناهى الفعل، و يكون فعله زمانيا و شيئا بعد شىء
لا إبداعيا، و يكون متغيرا لا محالة لأنه متحرك و الحركة تغير و فائت و لاحق. و
الجسمانى يحاط به و تدرك أحواله و يمكن معرفتها لأنها تكون متناهية، و المتناهى
محاط به فلا يوصف بالعلو الغير المتناهى و بالمجد و القدرة و العظمة الغير
المتناهية و بالعلم البسيط المحيط بجميع الأشياء و بالفعل المطلق لأن فيه ما
بالقوة. و يكون لا محالة له قوى إما طبيعية و إما نفسانية و يكون له تخيل و توهم.
و بعض القوى يصده عن استعمال بعض القوى و على الجملة فإنه لا يكون متحققا بذاته و
لوازم ذاته. و يوصف بالانبعاث للفعل بعد أن لم يكن، و بالتغير. و بإدراك الجزئى. و
فعل الجزئى. و يوصف باكتناف الأعراض له و أنه يفعل أفعاله بمجموع مادته و صورته و
طبيعته و نفسه. و لا يعقل إلا بعد أن يستشرك المادة فى فعله و يفعل بمباشرة و وضع.
و الجسم الفلكى و إن كان يفعل فى كل جسم فلأن لكل جسم عنده وضعا، فلذلك يؤثر فيه
لأنه محيط. و الجسمانى لا قدرة له إذا قيس بالمجرد فإنه لا يكون له تلك الكبرياء و
العظمة و القدرة و الجلالة الغير المحدودة، و الأفعال الإبداعية- تعالى اللّه عن
أن يوصف بصفة طبيعية أو نفسانية أو عقلية و بأن تكون ذاته ذاتا يؤثر فيه شىء أو
يلحقه لا حق من خارج أو يوصف بانفعال البتة! بل هو فعل
نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 32