نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 165
و لا يصح أن يسبق تلك التصورات المتخيلات أمور مخصصة، فإن كل ما يفرض
من تلك الأمور مخصصا للتصور يجب أن يكون وجوده بعد أن يسبقه التصور. فيجتمع من هذا
أن المتخصص أولا و بذاته، و المتشخص أولا و بذاته، التصورات التي هى الإرادات. و
إذ كان الجسم المتقدم بالطبع هو الفلك، و كان التخيل أو ما يجرى مجراه يصح بجسم،
وجب أن تكون تلك الإرادات لذلك الجسم الفلكى، فتكون الحركات و سائر الأنواع، التي
تتكثر أشخاصها، بعد تلك الإرادات.
التصور العقلى، و هو الإرادة الكلية، لا يكون منه شىء جزئى، إذ يكون
كليا، و الخيالى يكون منه الجزئى و الحركات- و هى متجددة، و طباعها أن تكون و
تبطل- فلا يصح أن تتخصص بذاتها، و يجب أن يسبق كل حركة تصور حتى يصح وجودها.
فالتصور يجب أن يتخصص بذاته، و لا شىء يسبقه يكون سببا لتخصصه أو
يكون مخصصا له. و الأشياء الحادثة بينها الحركات لا محالة.
تعقل واجب الوجود لذاته سبب لصدور الموجودات عنه. و هو أحدىّ الذات،
فيلزمه شىء واحدى الذات، و هو العقل الفعال. و كما علمنا أنه يجب أن يكون اللازم
عنه لذاته يلزم عنه لا بمتوسط، كذلك يجب أن يكون فى المخصصات شىء بذاته يتخصص بلا
مخصص، و هو الإرادة الجزئية التي للنفس الفلكية. و يجب أن تكون كل إرادة متقدمة
علة لوجود ما بعدها من الإرادات على الترتيب السببى و المسببى.
و هذا أيضا مما يدل على أن الإرادات تتخصص بذواتها لا بغيرها، إذ كل
إرادة متقدمة علة لما بعدها.
هذه الإرادة هى الغاية المحركة، و هى الموجدة لها، و الفاعلة على
مثال ما تكون الغايات فاعلة.
تخصّص الإرادة هو تميزها و انفرادها عن الإرادة الكلية المطلقة. و
ليس يحصل فعل إلا من إرادة متخصصة: فإنا نقول مثلا إنه كلما حصلت بصفة كذا و كذا،
حصلت حركة بهذه الصفة، فتسير إلى إرادة ما متخصصة جزئية، و هى بذاتها تتخصص لا
تحتاج إلى مخصص. و يجب أن يكون فى المخصصات ما يتخصص بذاته، و إلا تمادى إلى غير
النهاية، و لا يتخصص شىء. و كذلك فى كل شىء يجب أن يكون فيه ما يتحقق بمعنى ذلك
الشىء بذاته و أولا، حتى يصح وجود ذلك الشىء. و كذلك فى الأسباب، يجب أن يكون
فيها ما هو سبب بالذات و أولا، و لا يحتاج إلى سبب حتى يحصل هذا الشىء المسبب. و
فى الموجودات ما يوجد بذاته و أولا حتى يوجد الموجودات.
نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 165