نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 157
قد نعرف الأشياء على الوجه، فإنا نعرف زيدا، و نعرف أنه ابن فلان، و
نعرف أنه طويل أو قصير، أو أنه بصفة من الصفات؛ و إن كان علمنا بانتقال لا بسيطا
فلا تتكرر معرفتنا بزيد، بل يكون علمنا به مرة واحدة. إلا أن نسبته تكثرت عندنا،
فعرفناها أولى و أخيرة، و الأول لا يكون فى علمه انتقال، فلا يعرف لازما، فيعرف
لازما آخر بواسطة الأول، بل يعرف الذات على ما هى موجودة عليه.
[عناية الواجب]
العناية هى أن الأول خيّر عاقل لذاته، عاشق لذاته، مبدأ لغيره فهو
مطلوب ذاته.
و كل ما يصدر عنه يكون المطلوب فيه الخير الذي هو ذاته. و كل هذه
الصفات ما لم تعتبر فيها هذه الاعتبارات واحدة. و كل من يعتنى بشيء فهو يطلب
الخير له.
فالأول إذا كان عاشقا لذاته لأنه خير، و ذاته المعشوق مبدأ
الموجودات، فإنها تصدر عنه منتظمة على أحسن نظام.
العناية صدور الخير عنه لذاته، لا لغرض خارج عن ذاته. فالإرادة تكون
له متجددة.
فذاته عنايته. و إذا كان ذاته عنايته، و ذاته مبدأ الموجودات،
فعنايته بها تابعة لعنايته بذاته. و أيضا إذا كان مطلوبه الخير، و الخير ذاته و هو
عنايته و هو مبدأ لما سواه، فعلمه بذاته أنه خير مبدأ لهذه الأشياء و عناية له
بها. و لو لم يكن عاقلا لذاته، و عاقلا لأن ذاته مبدأ لما سواه، لما كان يصدر عن
ذاته التدبير و النظام. و كذلك لو لم يكن عاشقا لذاته لكان ما يصدر عنه غير منتظم
لأنه يكون كارها له غير مريد له، و ليست الإرادة إلا أن الموجودات غير منافية
لذاته.
و لما كان عاشقا لذاته، و كانت الأشياء صادرة عن ذات هذه صفتها، أى
معشوقة، فإنه يلزم أن يكون ما يصدر عنه معنيا به، لأنه عاشق ذاته و مريد الخير له.
يكفى فى عنايته بالأشياء وجودها عنه. فعنايته بالأشياء هى حقيقة إذ
هى عنايته بذاته، و عناية الكواكب و الأفلاك بالكائنات هى من طلبها الخير لذواتها
بالتشبه بالأول، و لأن ذواتها خير و طالبة للخير فجميع ما يصدر عنها يجب أن يكون
خيرا، و يكون فيه نظام الخير.
[وجود الواجب]
كما أن وجوده يظهر فى كل شىء فوجوده على صفة وجوده و هو أنه خير.
وجوده مباين لسائر الموجودات، و تعقله مباين لسائر التعقلات، فإن
تعقله على أنه عنه، أى على أنه مبدأ فاعلى له، و تعقل غيره على أنه فيه، أى على
أنه مبدأ قابلىّ له.
وجود كل موجود هو للأول، لأنه فائض عنه، و وجوده هو له، فوجوده
مباين
نام کتاب : التعليقات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 157