responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 72

من أوجه: أقربها أن الإدراك الواحد لا يقوم إلا بالجوهر الفرد، ثم لا أثر للجواهر المحيطة بمحل الإدراك في محل الإدراك؛ فإن كل جوهر مختص بحيزه موصوف بأعراضه، و لا يؤثر جوهر في جوهر.

و إنما تثبت أحكام الجواهر من أعراضها المختصة بها قياما، و كذلك لا يؤثر عرض قائم بجوهر في جوهر آخر.

فإذا ثبت بما ذكرناه أن الجواهر التي يقدر اجتماعها مع محل الإدراك غير مؤثرة فيه، و وجودها في حكمه كعدمها، فيفضي مجموع ذلك إلى القطع بنفي اشتراط بنية و تركيب على صفة مخصوصة، و ذلك قاطع في مقصودنا.

و مما يقوي التمسك به في نفي اشتراط البنية، أن الشرط حكمه أن يطرد شاهدا و غائبا، و لذلك قالت المعتزلة: لما كان كون الحيّ حيا شرطا في كونه عالما شاهدا لزم القضاء بمثل ذلك غائبا.

فيلزمهم على هذا الشرط أن نقول لهم: لو كان كون المدرك مدركا شاهدا مشروطا بكونه مبنيا، للزم من وصف الباري بكونه مدركا وصفه بكونه مبنيا، تعالى اللّه عن قول المبطلين.

و إذا ثبت الإدراك و تقرر عدم افتقاره إلى بنية، و جواز قيامه بالجوهر الفرد، فنبني على ذلك أصلا في إيضاح بطلان عصمة المعتزلة، و ذلك أنهم قالوا: لا يدرك المدرك بإدراك الرؤية، حتى ينبعث شعاع من ناظر الرائي و يتصل بالمرئي؛ فإذا استد الشعاع و تحقق انبعاثه من الحاسة على المرئي، و استقرت قواعده عليها، و لاقى الطرف الأخير المرئي و لم ينب عنه، فيرى عند ذلك.

فإذا كان بين المرئي و الرائي حجاب كثيف يمنع الشعاع من النفوذ لم يره. فإذا بعدت المسافة، و صارت بحيث تنبو الأشعة و تبيد، فلا يرى البعيد، و إن أفرط قربه من الناظر، و امتنع من إفراط القرب انبعاث الشعاع لم ير أيضا؛ و لذلك لا يرى داخل الأجفان عندهم.

و حملوا رؤية الرائي نفسه عند النظر إلى جسم صقيل على ذلك، فقالوا: الأشعة تنبعث، فإذا لاقت جسما صقيلا، لم تتشبث فيه إذ لا تضرس للصقيل، فينعكس الشعاع إلى الناظر، و يتصل به، فيدرك إذ ذاك نفسه؛ و إذا انفرج الشعاع من الأحوال و غيره، لم يدرك المدرك على ما هو عليه لعدم امتداد الشعاع، في هذيان طويل لا يحتمل هذا المعتقد شرحه.

و كل ما هذوا به مبنيّ على انبعاث أشعة هي أجسام لطيفة مضيئة من حاسة البصر، و لا يجوز تقدير انبعاثها من غير بنية العين.

و إذا أبطلنا بما قدمناه افتقار الإدراك، و كون المدرك مدركا، إلى بنية، فذلك يتضمن إفساد ما رتبوه على البنية لا محالة.

ثم الشعاع أجسام عندهم في داخل العين تنبعث منها عند فتح الأجفان. فيقال لهم: ما الذي يوجب انبعاثها؟ و هلا استقرت في أحيازها؟ و ما الموجب لانقباضها و انبساطها؟ فإن زعموا أن في‌

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست