نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 60
و الذي نرتضيه أن البقاء
يرجع إلى نفس الوجود المستمر من غير مزيد؛ و لو لم نسلك هذا المسلك للزمنا أن نصف
الصفات الأزلية بكونها باقية، ثم نثبت لها بقاء، و يجر سياق هذا القول إلى قيام
المعنى بالمعنى. ثم لو قدرنا بقاء قديما، للزمنا أن نصفه ببقاء، ثم يتسلسل القول.
فإن قيل: الدليل على ثبوت
المعاني تجدد أحكامها على محالها؛ فإذا وجدنا جوهرا غير متحرك، ثم اتصف بالتحرك،
كان ذلك دالا على تجدد المعنى، و هذا بعينه متحقق في البقاء؛ فإن الجوهر في حال
حدوثه لا يتصف بكونه باقيا، و إذا استمر له الوجود اتصف بكونه باقيا. قلنا:
الاتصاف بالبقاء راجع إلى
استمرار الوجود، و هو بمثابة القدم؛ فما وجد و كان حديث عهد بالحدوث لم يسمّ
قديما، فإذا عتق و تقادم سمي في الإطلاق قديما، و لا يدل ذلك على أن القدم معنى.
فإن قيل: إذا صرفتم البقاء
إلى نفس الباقي، فما الذي تنكرون من قول من يقول ببقاء الأعراض؟ قلنا: الأعراض
يستحيل بقاؤها، فإنها لو بقيت لاستحال عدمها؛ فإنا إذا قدرنا بقاء بياض و دوام
وجوده، لم يتصور انتفاؤه فيعقبه سواد؛ إذ ليس السواد بنفي البياض، و مضاداته أولى
من البياض، بدفع السواد، و منعه من الطروّ.
و لا معنى لما يتخيله بعض
الناس من أن الباقي يعدم بإعدام اللّه؛ فإن الإعدام هو العدم، و العدم نفي محض، و
لا معنى لتعلق القدرة بالنفي المحض. و تحصيل قول القائل: يقدر الباري على إعدام
الموجود يؤول إلى أنه يقدر على أن لا يكون الموجود.
فإن قيل: فما معنى عدم
الجواهر؟ قلنا: الأعراض غير باقية، فإذا أراد اللّه عدم جوهر اقتطع عنه الأعراض
بأن لا يخلقها فينعدم الجوهر إذ ذاك، إذ يستحيل وجود جوهر بلا عرض.
و المعتزلة نفوا البقاء، و
زعموا أن معظم الأعراض باقية، و ما يعدم من الباقيات، فإنما يعدم بضدّ يطرأ عليه،
و وافقونا في استحالة بقاء الأصوات و الإرادات في خبط طويل. و زعموا أن الجواهر
تعدم، بأن يخلق اللّه تعالى فناء في غير محل يضاد الجوهر، و هو في نفسه عرض قائم
بنفسه، ثم يستحيل عندهم فناء بعض الجواهر و بقاء بعضها.
القول في معاني أسماء
اللّه تعالى
التسمية ترجع عند أهل الحق
إلى لفظ المسمى الدال على الاسم، و الاسم لا يرجع إلى لفظه، بل هو مدلول التسمية.
فإذا قال القائل: زيد، كان
قوله تسمية، و كان المفهوم منه اسما، و الاسم هو المسمى في هذه الحالة، و الوصف و
الصفة بمثابة التسمية و الاسم؛ فالوصف قول الواصف، و الصفة مدلول الوصف.
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 60