نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 27
فالمقصود من عقد هذا الباب
إيضاح الدليل على أن الإله واحد و يستحيل تقدير إلهين.
و الدليل عليه، أنّا لو
قدرنا إلهين، و فرضنا الكلام في جسم و قدرنا من أحدهما إرادة تحريكه و من الثاني
إرادة تسكينه، فتتصدى لنا وجوه كلها مستحيلة. و ذلك أنّا لو فرضنا نفوذ إرادتيهما
و وقع مراديهما، لأفضى ذلك إلى اجتماع الحركة و السكون في المحل الواحد، و الدلالة
منصوبة على اتحاد الوقت و المحل. و يستحيل أيضا أن لا تنفذ إرادتيهما، فإن ذلك
يؤدي إلى خلو المحل القابل للحركة و السكون عنهما، ثم مآله إثبات إلهين عاجزين
قاصرين عن تنفيذ المراد. و يستحيل أيضا الحكم بنفوذ إرادة أحدهما دون الثاني، إذ
في ذلك تعجيز من لم تنفذ إرادته، و سندل على استحالة ثبوت قديم عاجز.
فإن قيل: رتبتم هذه
الدلالة على اختلاف إرادتي القديمين، فبم تنكرون على من يعتقد قديمين يريد كل واحد
منهما ما يريده الآخر؟ قلنا هذه الدلالة تطرد على تقدير الاختلاف كما قررناه، و هي
مطردة أيضا على تقدير الاتفاق؛ فإن إرادة تحريك الجسم من أحدهما مع إرادة الثاني
تسكينه ممكنة غير مستحيلة، و كل ما دل وقوعه على العجز و الاتصاف ببعض القصور دل
جوازه على مثله.
و الدليل عليه أن من اعتقد
جواز قيام الحوادث بالقديم، ملتزما ما يفضي إلى الحكم بحدثه، نازل منزلة من يعتقد
قيام الحوادث به وقوعا و تحققا. و الجاري من أحد المحدثين في تنفيذ إرادته المتصدي
لأن يمنع عرضة للنقص، كالمصدود عما يريده حقا بتسوية بين من يجوز ضده و بين من
اتفق رده.
فإن قيل: بم تنكرون على من
يزعم أن اختلاف القديمين في الإرادة غير جائز و لا واقع؟ قلنا:
لو قدرنا انفراد أحدهما
لما امتنع في قضية العقل إرادته تحريك الجسم في الوقت المفروض، و لو قدرنا انفراد
الثاني لم تمتنع إرادته تسكينه. و لا توجب ذات لا اختصاص لها بأخرى تغيير أحكام
صفاتهما؛ فليجز من كل واحد منهما عند تقدير الاجتماع، ما يجوز عند تقدير الانفراد.
و قال بعض الحذاق: غايتنا
في دلالة التمانع، امتناع وقوع مرادين؛ و إثبات قديمين على قضية هذا السؤال يفضي
إلى منع، ما يجوز لكل قديم لو قدرنا انفراده، و ذلك أحق بالدلالة على التعجيز و
التنقيص.
و لا تستمر هذه الدلالة
على أصول المعتزلة، مع مصيرهم إلى أنه يقع من العباد ما لا يريده الرب، تعالى عن
قولهم، و لا يتضمن ذلك عندهم الحكم بقصوره. فإن قالوا: الرب تعالى قادر على إلجاء
الخلق إلى ما يريده، قيل: مراده عندكم أن يؤمن العباد على الاختيار إيمانا مثابا
عليه، و لا يريد منهم إيمانا و هم إليه ملجئون و عليه مكرهون؛ فالذي يريده لا يقدر
على إيقاعه، و الذي يقدر عليه لا يريده.
و قد أضرب شيوخ المعتزلة
عن دلالة التمانع لما ذكرناه، و هي المنصوصة في نص قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [سورة الأنبياء: 22].
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 27